أحدهما المعيّن من غير دلالة في كلامه على ذلك ، لا مانع من التّمسّك بإطلاق كلامه في إثبات كون المراد هو الإرادة الوجوبيّة دون النّدبيّة. (١)
الوجه الثّاني : ما حاصله : من أنّ غرض كلّ طالب وآمر ، إنّما هو التّوسّل إلى إيجاد المأمور به المطلوب ، وعليه ، فلا بدّ أن لا يكون أمره وطلبه قاصرا عن ذلك وإلّا وجب عليه البيان ، والطّلب الوجوبي غير قاصر عن افادة هذا الغرض ، بخلاف الطّلب النّدبي الجائز فيه ترك المأمور به ، وعليه ، فلا مانع من حمل إطلاق الأمر على طلب الوجوبي دون النّدبي. (٢)
هذا ، ولكن في كلا الوجهين نظر.
امّا الأوّل : فلوجوه :
منها : أنّ الإطلاق ـ كما قرّر في محلّه ـ معناه رفض القيود وحذفها ، لا ضمّ القيود وجمعها ، فإطلاق الطّلب أو البعث لا يقتضي إلّا إرادة نفس الطّلب بلا قيد من وجوب أو ندب.
وبعبارة اخرى : إنّ اللّفظ لا يحكي إلّا عمّا وضع بإزائه ، وهيئة الأمر إنّما وضعت لنفس الطّلب بلا أيّة خصوصيّة فرديّة وجوبيّة ، أو ندبيّة ، ومصبّ الإطلاق ليس إلّا نفس المعني الموضوع له ، فتنتج مقدّمات الحكمة ، أنّ ما هو المعني الموضوع له يكون تمام المراد للمتكلّم بلا أيّ قيد من القيود ، وليس في وسعها إثبات ما هو خارج عن دائرة الموضوع له ، والمفروض : أنّ الموضوع له هنا نفس الطّلب والبعث ، لا الطّلب الوجوبي.
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الافكار : ج ١ ، ص ٢١٣ و ٢١٤.
(٢) راجع ، كتاب بدائع الافكار : ج ١ ، ص ١٩٧.