وأمّا الثّاني ، فوجه منعه ، أنّ الكاشفيّة لا تكون من الامور الجزافيّة الفاقدة للملاك ، بل لا بدّ لها من ملاك وهو في مثل المقام ليس إلّا كثرة الاستعمال الموجبة لانس الذّهن بالمستعمل فيه ، وقد عرفت : أنّها مفقودة هنا لوجود هذه الكثرة في غير الوجوب ، أيضا.
وكذلك ظهر ـ أيضا ـ أنّ ما عن المحقّق العراقي قدسسره من دعوى ظهور هيئة الأمر في الوجوب لأجل مقدّمات الحكمة ، ممنوع ، توضيح ذلك ، أنّه قدسسره تعرّض الوجهين لتقريب مقدّمات الحكمة.
الأوّل : ما حاصله ؛ من أنّه لا شبهة في جريان مقدّمات الحكمة في حوزة المفاهيم لاحراز سعتها ، فتجري ـ مثلا ـ في عنوان «العالم» الوارد في خطاب «أكرم العالم» ويحرز بها وجوب إكرام مطلق «العالم» سواء كان عادلا ، أو فاسقا ، أو هاشميّا ، أو غيره ، وأمّا جريانها في حوزة الأفراد والمصاديق ، فهو ـ أيضا ـ بمكان من الإمكان فيحرز بها الشّخص الخاصّ فيما لو اريد بالكلام فردا مشخّصا ، ولم يكن فيه ما يدلّ على ذلك بخصوصه ، كما إذا كان لمفهوم الكلام ، فردان يستدعي بيان احدهما مئونة زائدة من الآخر. فإذا أراد المتكلّم احدهما المعيّن بلا دالّ عليه في كلامه لا مانع من التّمسّك باطلاق الكلام في الحكم بكون مراده هو ما لا يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة ، وهذا مثل صيغة الأمر فإنّ الطّلب أو البعث له فردان : الأوّل : الإرادة الوجوبيّة. الثّاني : الإرادة النّدبيّة.
ولا ريب : أنّ الأوّل يفترق عن الثّاني بالشّدّة ، فيكون ما به الامتياز عين ما به الاشتراك ، بخلاف الثّاني فإنّه يمتاز عن الأوّل بالضّعف فيكون محدودا بحدّ الضّعف الّذي ليس من سنخ المحدود ، بحيث يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة ، فإذا أراد المتكلّم