أحدهما : بنفس الصّلاة ، والآخر : بالإتيان بها بقصد القربة ، فلا يجوز له الاكتفاء بأمر واحد وايكال قصد القربة إلى العقل ؛ إذ العقل لا شأن له ، إلّا إدراك الواقع على ما هو عليه ، وإدراك أنّ هذا الشّيء ممّا جعله الشّارع شطرا أو شرطا ، أو لم يجعله ، من دون أن يكون له الجعل والتّشريع في قبال الشّارع ، وعليه : فكلّ ما تعلّق به غرض المولى فاعتباره شطرا أو شرطا ، لا بدّ أن يكون من قبله ولو بتعدّد الأمر.
والفرق بين قصد القربة وبين الأجزاء والشّرائط الأخر ، إنّما يكون في هذا الأمر ؛ حيث إنّ قصد القربة يحتاج إلى الأمر الثّاني دونهما ، وقد سمي هذا الأمر ب «متمم الجعل» قبال الأمر المتكفّل لأصل جعل الوجوب ، وهذان الأمران بمنزلة الواحد.
ونتيجة هذا المسلك ، إهمال أمر الأوّل وعدم تقييده ولا إطلاقه. وعليه : فإن دلّ دليل ـ كالأمر الثّاني ـ على اعتبار قصد القربة ، كانت النّتيجة ، هو التّقييد.
وإن دلّ على عدم اعتباره ، كانت النّتيجة هو الإطلاق ، ولا فرق في ذلك ، بين متعلق الحكم وموضوعه. (١)
ولكن أورد عليه بعض الأعاظم قدسسره أوّلا : بأنّ الإهمال في الواقع غير معقول ؛ لرجوعه إلى عدم علم الحاكم المحيط بحكمه وبحدود موضوعه ، أو متعلّقه من حيث السّعة والضّيق ، فلا بدّ أن يكون الحكم المجعول إمّا مطلقا أو مقيّدا ، ولا ثالث في البين.
وثانيا : بأنّه لو سلّمنا أنّ امتناع التّقييد يستلزم امتناع الإطلاق ، فلا محيص
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ١٨٦ و ١٨٧ ؛ وفوائد الاصول : ج ١ ، ص ١٦١ و ١٦٢ ؛ وأجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١١٦.