من الالتزام بمقالته قدسسره وأنّ الحكم بالجعل الأوّل مهمل ، فلا بدّ من نتيجة التّقييد أو نتيجة الإطلاق. (١)
وفيه : أنّ مراد المحقّق النّائيني قدسسره من الإهمال ، هو الإهمال في مقام الإثبات ، وهذا أمر ممكن معقول ؛ وأمّا الإهمال الثّبوتي ، فعدم معقوليّته أوضح من أن يخفى على مثل المحقّق النّائيني قدسسره ، بل هو مصرّح بعدم إمكان الإهمال الثّبوتي في بعض مباحثه الاصوليّة ، فراجع.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدسسره قد أشكل على امكان أخذ قصد الأمر بالأمر الثّاني ، أوّلا : بأنّه نقطع بوحدة الأمر في العبادات ، كما في غيرها من الواجبات والمندوبات ، فليس فيها أمران ، أحدهما : المتعلّق بذات الفعل ، ثانيهما : المتعلّق بإتيانه بداعي أمره وهو المسمّى بمتمّم الجعل ، وثانيا : بأنّه لا مجال للأمر الثّاني مع سقوط الأمر الأوّل بمجرد موافقته بلا قصد القربة والامتثال ، فيكون لغوا وبلا طائل.
وأمّا مع عدم سقوط الأمر الأوّل في الفرض ، فلا يكون ذلك ، إلّا لعدم حصول غرض الأمر لدوران الأمر مداره وجودا وعدما ، ثبوتا وسقوطا.
وعليه : فلا حاجة في الوصول إلى تمام غرضه وكمال مقصوده إلى التّوسّل بتعدّد الأمر ؛ لاستقلال العقل بلزوم الموافقة على نحو يحصل به غرضه ، وهو لا يتأتّى إلّا اذا أتى العمل بقصد القربة. (٢)
وفيه : أوّلا : أنّ هذا الإشكال مبتن على كون الأمرين عرضيين ، يختصّ بكلّ
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ١٨٨.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١١١ و ١١٢.