الإطلاق اللّفظي ، فإنّه يعتبر فيه أن يكون الأمر في مقام بيان كلّ ما له دخل في متعلّق الأمر ويكون متمكّنا من أخذ القيد في الخطاب بنفس الأمر أو بأمر آخر أو بطريق الإخبار ، إلّا أنّه لم يأخذه فيه وسكت عنه فيستكشف من ذلك عدم دخله في المتعلّق لا شطرا ولا شرطا ، وإلّا لكان سكوته مخلّا لغرضه وخلافا للحكمة.
هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل اللّفظي.
وأمّا مقتضى الأصل العملي ، فبناء على مسلك التّحقيق من إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر ـ سواء كان بنفس الأمر الأوّل أم بالأمر الثّاني كما هو المختار ـ كان حال هذا القيد حال سائر الأجزاء والقيود ، فإذا شكّ في اعتباره في متعلّقه كان المرجع هي البراءة ؛ لاندراج المقام في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطييّن ، وقد حقّق في تلك المسأله ، أنّ المرجع عند الشّكّ في اعتبار شيء في المأمور به ، شطرا أو شرطا ، هو البراءة.
وعليه : فمقتضى هذا الأصل العملي هو مقتضى الأصل اللّفظي في أنّ الواجب يكون توصّليّا.
وأمّا بناء على مسلك المحقّق الخراساني قدسسره (١) ومن تبعه ، من عدم إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر ، فالمرجع هو الاشتغال ؛ وذلك ، لاحتمال دخله في حصول غرض المولى ، فيستقلّ العقل بوجوب الموافقة على وجه يقطع بحصول غرضه بأن يأتي بالواجب بقصد القربة ؛ ولأجل ذلك التزم قدسسره بعدم جريان أصالة البراءة العقليّة في المقام ، كما أنّه قدسسره التزم ـ أيضا ـ لعدم جريانها في مسألة دوران الأمر بين
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١١٣.