كالعلم والإرادة ونحوهما ، فكما أنّه لا واقع للمعلوم بالإجمال أو المراد كذلك ، سوى عنوان «أحدهما» أو «أحدها» كذلك لا واقع للمأمور به بالإجمال ، سوى هذا العنوان.
وبالجملة : الحكم الشّرعي ليس بحذائه في الواقع ، شيء ، ولا واقع له موضوعيّا سوى اعتبار الشّارع ، فكما يصحّ تعلّقه بالجامع الذّاتي ، كذلك يصحّ تعلّقه بالجامع الانتزاعيّ العنواني ، وكما أنّ الشّرع يعتبر الفعل المعيّن ذا الأفراد على ذمّة المكلّف ، كذلك يعتبر أحد الفعلين ، أو الأفعال عليها ، بلا فرق بينهما.
إذا عرفت ذلك : تبيّن لك أنّ مقتضى الأصل اللّفظي في دوران الواجب بين كونه تعيينيّا أو تخييريّا هو حمله على التّعيينيّ لا التّخييريّ على جميع الأقوال المتقدّمة.
أمّا على القول الأوّل ، فلأنّ اشتراط وجوب كلّ باختيار المكلّف في الواجب التّخييريّ ، قيد زائد يحتاج إلى بيان زائد ومئونة زائدة ، فمقتضى الإطلاق وعدم نصب القرينة على تقييد الوجوب واشتراطه باختياره هو عدم الاشتراط ، فينتج كون الواجب تعيينيّا.
وأمّا على القول الثّاني ، فلأنّ اشتراط وجوب كلّ بعدم إتيان الآخر فيه ، هو ـ أيضا ـ من القيود الزّائدة الّتي تحتاج إلى بيان زائد ، والإطلاق وعدم القرينة عليه يقتضي عدمه ، والنّتيجة إذا حمل الواجب على التّعيينيّ.
وأمّا على القول الثّالث ، فلرجوع الشّكّ بين التّعيينيّ والتّخييريّ إلى الشّكّ في متعلّق التّكليف من حيث السّعة والضّيق ، وأنّه هل هو الجامع العنواني لشيئين ، أو الأشياء ، أو خصوص ما ورد به الأمر؟ مثل ما إذا ورد الأمر بعتق رقبة فشكّ في كونه تعيينيّا ، بحيث يختصّ الواجب به ، أو تخييريّا بحيث يكون الواجب هو الجامع بينه وبين الصّيام والإطعام ، وحيث إنّ إرادة التّخيير تحتاج إلى بيان زائد ، وهو ذكر