وسعة وله التّأخير إلى آخر أزمنة الإمكان.
هذا ، كلّه بالنّسبة إلى مقام الثّبوت.
وأمّا مقام الإثبات ، فنقول : إنّ منشأ استفادة الفوريّة في الواجبات ، لا بدّ وأن يكون إمّا نفس صيغة الأمر ، أو الدّليل الخارجي.
والصّيغة ، قد عرفت سابقا ، أنّها لا تدلّ على الفوريّة ، لا مادّة ولا هيئة. أمّا المادّة ؛ فلأنّها لا تدلّ إلّا على الطّبيعة المهملة المجرّدة عن جميع الخصوصيّات والعوارض.
وأمّا الهيئة ، فلأنّها ـ أيضا ـ لا تدلّ إلّا على البعث والإغراء إليها ، أو غير ذلك على اختلاف المباني.
والنّتيجة ، هو أنّه لا دلالة للصّيغة ، مادّة وهيئة على التّراخي ، ولا على الفور فضلا عن وحدة المطلوب ، أو تعدّده ، وفي فرض التّعدّد على وجه الفور فالفور ، أو الفور ثمّ التّأخير إلى آخر أزمنة الإمكان ، بل لا إشعار فيها إلى هذه الامور ، فضلا عن الدّلالة والظّهور ، وكلّ ذلك يحتاج إلى قيام الدّليل ، وإلّا فاللّازم هو أصل الإتيان بما امر به مخيّرا بين الفور والتّراخي ؛ ولذا لو شككنا في اعتبار أحدهما بخصوصه ، فلو كان هنا أصل لفظيّ ، كالإطلاق ، يرجع إليه وينفي اعتبار الفور ، أو التّراخي ، ولازمه ، أنّ الواجب هو الإتيان بأصل الطّبيعة ، فيجوز للمكلّف أن يأتي بها على وجه الفور ، أم على وجه التّراخي ، وهذا اللّازم حجّة يؤخذ به ؛ لما هو المقرّر في محلّه من حجيّة لوازم الاصول اللّفظيّة دون العمليّة.
وأمّا لو لم يكن هنا أصل لفظيّ ، إمّا الإهمال الدّليل ، أو إجماله ، فالمرجع حينئذ هو الأصل العمليّ وهو البراءة في مثل المقام ، سواء كانت عقليّة أو نقليّة ، للشّك في وجوب الفوريّة ، وهي تقتضي عدم وجوبها ، ونتيجته هو نتيجة الأصل اللّفظي.