ولا موضوع له سوى موضوعات المسائل ، كما لا محمول له سوى محمولاتها ؛ وعليه ، فلا موضوع له حتّى يبحث فيه عن عوارضه الذّاتيّة.
وثانيا : بأنّه منتقض ببعض العلوم ، كالجغرافيا والتّاريخ والهيئة والعرفان والفقه.
أمّا الثّلاثة الاولى (الجغرافيا والتّاريخ والهيئة) ، فلأنّ القضايا فيها حيث تكون قضايا جزئيّة كما عرفت ، فالنّسبة بين ما قيل : إنّه موضوع العلم فيها وبين موضوع المسائل ، نسبة الكلّ إلى أجزائه كما سيأتي بيانه ـ فحينئذ ـ ليس عوارض موضوعات مسائلها من العوارض الذّاتية لموضوع العلم ؛ ضرورة ، أنّ عارض الجزء عارض لنفس الجزء ، لا لنفس الكلّ المركّب منه ومن غيره.
وأمّا العرفان ، فلأنّ الموضوع فيه على ما عرفت آنفا ، هو عين موضوع المسألة.
وأمّا الفقه ، فلأنّ البحث فيه ليس بحثا عن الأعراض ، فضلا عن الذّاتيّة منها ؛ لوضوح أنّ الأحكام الشّرعيّة من الوجوب والحرمة وغيرهما ، امور جعليّة اعتباريّة ليست بعوارض فلسفيّة.
ولو سلّم كونها من الأعراض ، بدعوى : تعميمها وإطلاقها على مثل هذه الامور ـ أيضا ـ لم تكن أعراضا ذاتيّة لموضوعات المسائل ؛ ألا ترى ، أنّ الصّلاة لا يعرض لها الوجوب ؛ إذ هي بالنّظر إلى وجودها الخارجي ، ظرف لسقوط الأمر وانتفاء الوجوب ، لا ظرف ثبوته وعروضه ، وبالنّظر إلى وجودها الذّهني العلمي ، لا أمر لها ؛ لعدم القدرة على الامتثال بهذا الوجود ، كي تتّصف بالوجوب ، وبالنّظر إلى ماهيّتها من حيث هي ليست بمطلوبة ولا لا مطلوبة ، ولا واجبة ولا لا واجبة ، كي يقال : بعروض الوجوب لها.