والتّيمّم ، إلّا أنّ دليل الوضوء حيث كان مطلقا بالنّسبة إلى وجدان الماء وفقدانه ، يقدّم على دليل التّيمّم الّذي كان الموضوع فيه مقيّدا بعدم وجدانه ، فيكون هادما لموضوعه.
هذا كلّه في الوجه الأوّل من وجهي التّقريب في دلالة رواية التّيمّم على الإجزاء.
أمّا الوجه الثّاني : فحاصله : أنّ رواية التّيمّم ، كما أنّها تدلّ بالدّلالة المطابقيّة على الوفاء بتمام المصلحة ، كذلك تدلّ بالدّلالة الالتزاميّة على الإجزاء من حيث الإعادة والقضاء ، وغاية ما يقتضيه تقديم دليل الوضوء الدّال على الانحصار ، هو رفع اليد عن المدلول المطابقي ، وأمّا المدلول الالتزامي فهو باق على حجيّته ؛ إذ الإجزاء لا يختصّ بملاك الوفاء ، بل يمكن أن يكون بملاك المضادّة وعدم إمكان الاستيفاء.
وعليه ، فالإجزاء لازم أعمّ للوفاء ، لا ينتفي بانتفاء الوفاء ، وقد حرّرنا في محلّه ، أنّ الدّلالة الالتزاميّة تابعة للمطابقة في أصل الوجود والانعقاد ، لا في الحجيّة والاعتبار.
وفيه : أنّ ذلك ، إنّما يتمّ لو كان المدلول الالتزامي هو الإجزاء بعنوانه ، والمفروض أنّه ليس كذلك ، بل المدلول الالتزامي هو الإجزاء من قبل الوفاء الّذي هو المدلول المطابقي ، وهذا الإجزاء لازم أخصّ للوفاء ينتفي بانتفائه.
هذا كلّه بالنّسبة إلى مقتضى الأدلّة من الأوّلية أو الثّانوية.
وأمّا بالنّسبة إلى مقتضى الأصل عند الشّكّ في سقوط التّكليف أو ثبوته عند رفع الاضطرار خارج الوقت ، فالحقّ هو جريان البراءة ، إذ على فرض تعدّد الأمر قد عمل المكلّف بوظيفته عند فقدان الماء ـ مثلا ـ وهو امتثال الأمر الاضطراري ، فبعد