الانحصار في بعض المراتب ، لا في كلّها ؛ وذلك ، لسقوط حجيّة الظّهور بمقدار المعارضة وهو فرض الانحصار في جميع المراتب.
وينقدح بذلك ، أنّ المقام يكون من باب تعدّد المطلوب ؛ إذ كلّ واحد من الوضوء والتّيمّم مطلوب برأسه ، فيؤتى أوّلا بالأهمّ منهما وهو الوضوء عند وجدان الماء ، وثانيا بالمهمّ وهو التّيمّم عند فقدان الماء ، وبهذا الوجه يجمع بين الدّليلين ، ونتيجته ، عدم جواز تحصيل الاضطرار ؛ لاستلزامه تفويت مقدار من المصلحة إلّا إذا علم المكلّف بارتفاع الاضطرار في الباقي من الوقت وعزم على عدم الإتيان إلّا بعد الارتفاع.
الأمر الثّاني : أنّ دليل الوضوء ناظر إلى دليل التّيمّم ، وحاكم عليه ، بحيث يدلّ على إلزام المكلّف برفع موضوع التّيمّم ؛ وذلك ، لأنّ قوله تعالى : «فاغسلوا» دالّ بإطلاقه على وجوب تحصيل كلّ ما يتوقّف عليه الغسل وإزالة كلّ ما يمنع عنه ، فيمنع المكلّف عن تحصيل الاضطرار الّذي هو موضوع التّيمّم ، بل يلزمه برفعه لو كان حاصلا.
وهذا بخلاف دليل التّيمّم ، فإنّه وإن اقتضى بإطلاقه كونه في عرض الوضوء ملاكا ، لكن لا يدلّ على ذلك مطلقا ولو بجعل المكلّف نفسه مضطرّا بالاختيار ، بل المتيقّن من دلالته هو كون التّيمّم وافيا بمصلحة الوضوء على تقدير حصول الاضطرار بطبعه ، وعلى فرض الإغماض عمّا ذكر ، والقول بأنّ التّيمّم واف بتمام المصلحة ، فليس هذا ـ أيضا ـ موجبا لتقديم دليل التّيمّم ؛ وذلك ، لانّ القول المذكور وإن كان لازمه عدم وجوب خصوص الطّهارة المائيّة ، وعدم حرمة تفويت الاختيار بتحصيل الاضطرار ، وعدم وجوب حفظ الماء ، فتقع المعارضة حينئذ بين دليلي الوضوء