أمّا الوجه الرّابع وهو كون المسألة من المبادي الأحكاميّة ، فلأنّ وجه ذلك هو أنّ المقصود من المبادي ليس إلّا المسائل الّتي تكون محمولاتها من عوارض الأحكام التّكليفيّة أو الوضعيّة ، كتضادّ الأحكام وتلازمها في باب «اجتماع الأمر والنّهي» وفي باب «الأمر بالشّيء هل يقتضي النّهي عن ضدّه؟» وغير ذلك ، والمسألة في المقام من هذا القبيل ؛ إذ يبحث فيها عن الملازمة بين المقدّمة وبين وجوب ذيها.
وفيه : أنّ المسألة وإن كانت من المبادي من جهة كونها باحثة عن عوارض الأحكام ، إلّا أنّها من جهة وقوع نتيجتها في طريق استنباط الأحكام تعدّ من المسائل الاصوليّة ، فالمسألة ذات جهتين ، ولا قدح في ذلك.
وأمّا الوجه الخامس وهو كون المسألة من المبادي التّصديقيّة ، فلأنّ منشأه هو أنّ المبادي التّصديقيّة حيث إنّها متكفّلة للبحث عن ثبوت الموضوع وعدم ثبوته بمفاد «كان» التّامّة و «ليس» التّامّة أو أجزاء الموضوع أو جزئيّاته كذلك ، قبال المبادي التّصوريّة وهو تصوّر الموضوع وأجزاءه وجزئيّاته ، فالمقام داخل فيه ، بتقريب : أنّ موضوع علم الاصول هي الأدلّة الأربعة الّتي منها ، حكم العقل ، والمراد به كلّ حكم عقليّ يوصل به إلى حكم شرعيّ ، ولا ريب : أنّ حكم العقل بالملازمة الّذي يبحث عنه في المقام من هذا القبيل ، فإنّه يوصلنا إلى وجوب المقدّمة شرعا ، وعليه ، فالبحث في المقام بحث عن ثبوت الموضوع وعدمه بمفاد «كان» التّامة ، لا عن عوارضه بمفاد «كان» النّاقصة ، فيندرج ـ أيضا ـ في المبادي التّصديقيّة.
نعم ، لو كان الموضوع نفس العقل لا حكمه ، لكان المقام مندرجا في المسألة الاصوليّة ، كما لا يخفى.
وفيه : أنّ موضوع علم الاصول ـ كما حقّق في محلّه ـ ليس هي الأدلّة الأربعة