الثّلاث كما لا يخفى». (١)
وجه عدم الورود ، هو أنّ مقام الثّبوت في المداليل الالتزاميّة لا ينفكّ عن مقام الإثبات والدّلالة ، وعليه ، يكون البحث عن دلالة الصّيغة على وجوب المقدّمة بالالتزام عين البحث عن ثبوت الملازمة ، ويستكشف من مقام الإثبات والدّلالة مقام الثّبوت والملازمة ، ومن عدم الدّلالة ، عدم الملازمة كشفا انيّا.
نعم ، يمكن تخلّف مقام الإثبات والدّلالة عن مقام الثّبوت في الدّلالات المطابقيّة ، وعليه ، يمكن إدراج البحث في الدّلالة اللّفظيّة لو كان هناك اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ وحيث انّ هذا اللّزوم ليس في المقام ـ بناء على تسليم الملازمة ـ تكون المسألة عقليّة ، لا لفظيّة.
وأمّا الوجه الثّالث وهو كون المسألة من المسائل الكلاميّة ، فلأنّه نشأ من تخيّل أنّ البحث في المقام يرجع إلى استحقاق المثوبة ، أو العقوبة لفعل المقدّمة أو تركها ، وأنت ترى ، أنّ هذا البحث ممّا يتكفّله علم الكلام.
وفيه : أوّلا : أنّ مقتضى ذلك ، عدم اختصاص هذا البحث بجعله من المسائل الكلاميّة ، بل يلزم منه عدّ سائر المباحث الاصوليّة ، بل الفقهيّة كلّها ـ أيضا ـ منها ؛ لأنّها ترجع ـ أيضا ـ إلى البحث عن استتباعها فعلا أو تركا لاستحقاق الثّواب والعقاب ، ولا أظنّ أنّ هذا ممّا يلتزم به القائل.
وثانيا : أنّ وجوب المقدّمة ، بناء على القول به ، ليس إلّا وجوبا غيريّا لا يترتّب عليه شيء من الثّواب والعقاب ، بل هما من آثار الوجوب النّفسي ، كوجوب ذي المقدّمة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٣٩.