وعليه ، فيدخل البحث عن وجوب المقدّمة في المسائل الاصوليّة ، لا الفقهيّة.
ومن هنا ظهر ، أنّ الاستصحاب والأمارات يندرجان في المسائل الاصوليّة حتّى بناء على القول بوجوب العمل على طبق الحالة السابقة في الاستصحاب ؛ وبناء على القول بأنّ المجعول في الأمارات هو وجوب العمل على طبق مؤدّاها.
والسّرّ فيه : أنّ الحكم بوجوب العمل وإن كان فرعيّا ، لكنّه طريقيّ يتوصّل به إلى حكم أصلي ـ نظير وجوب الاحتياط في الشّبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ـ وقد عرفت آنفا ، أنّ المسائل الفقهيّة إنّما ينتج حكما فرعيّا أصليّا ، غير واقع في طريق حكم آخر ، وعليه ، فيخرج مثل الاستصحاب والأمارات عن تحتها ويدخل في المسائل الاصوليّة.
والّذي يسهّل الخطب ، أنّ البحث في المقام ليس في الوجوب وعدمه ، بل يكون في الملازمة وعدمها ، كما عرفت آنفا ، وعليه ، فالمسألة عقليّة ، فيقال : هل يستقلّ العقل بالملازمة ، أم لا ـ ولو لم يكن هناك لفظ ، بل قام الإجماع ـ مثلا على شيء ـ لا أنّها لفظية كي يقال : هل تدلّ صيغة الأمر على وجوب المقدّمة بدلالتها على وجوب ذيها ، أم لا ، كما يظهر ذلك من صاحب المعالم حيث إنّه قدسسره ذكر المقدّمة في مباحث الألفاظ واستدلّ على نفي وجوبها بانتفاء الدّلالات الثّلاث. (١)
نعم ، الظّاهر عدم ورود ما أشكل المحقّق الخراساني على صاحب المعالم بقوله : «ضرورة ، أنّه إذا كان نفس الملازمة بين وجوب الشّيء ووجوب مقدّمته ثبوتا ، محلّ الإشكال ، فلا مجال لتحرير النّزاع في الإثبات والدّلالة عليها بإحدى الدّلالات
__________________
(١) راجع ، معالم الدّين : ص ٥٥.