المغايرة الاعتباريّة بينه وبين الأجزاء ، فقد تلاحظ بما هي المركّب والكلّ ، فتجب نفسيّا ، وقد تلاحظ بما هي أجزاء المركّب ومقدّمة لتحقّقه ، فتجب غيريّا بناء على الملازمة.
وفيه : أوّلا : أنّ الأجزاء ليست بمقدّمة وذلك ، لعدم الإناطة والتّوقّف ، حيث إنّه لا اثنينيّة في البين ، بل ليس الكلّ إلّا عين الأجزاء بالأسر ، نعم ، تتحقّق المغايرة بينهما من جهة الاعتبار حيث إنّ الأجزاء اذا اعتبرت بنحو اللّابشرطيّة ، فتلاحظ الأجزاء ، والبشرط الشّيئيّة والانضمام ، فتلاحظ الكلّ ، ولكن هذه المغايرة لا توجب التّعدد والاثنينيّة ، لما حقّق في محلّه ، من أنّ تعدّد الاعتبار لا يوجب تعدّد المعتبر.
وثانيا : لو سلّم ذلك ، فلا مجال لوجوبها الغيري ، وذلك ، لأنّ الأجزاء وإن كانت متقدّمة على الكلّ تقدّما بالتّجوهر ، لكن هذا المقدار لا يجدي في إمكان تعلّق الوجوب الغيرى عليها ؛ إذ الأجزاء نفس الكلّ خارجا ، والبعث إلى الكل عين البعث إليها ، وإيجابه عين إيجابها ، ومعه لا فائدة في إيجاب الأجزاء ثانيا ، بل هو لغو لا يليق بشأن الحكيم ، وما تقدّم من التّعدّد الاعتباري بينهما ، لا يوجب صحّة تعدّد الوجوب ؛ إذ تعدّده لا يمكن إلّا بتعدّد الملاك وتعدّد الموضوع وجودا ، والمفروض ، أنّهما غير حاصلين في المقام.
هذا ، مضافا إلى أنّه لو كان الوجوب متعدّدا لزم اجتماع المثلين في موضوع واحد ، ولا يتأتّى في مثل المقام تأكّد البعث بسبب اجتماع الوجوبين كي يرفع به محذور اجتماع المثلين ؛ وذلك ، لأنّ ملاك الوجوب الغيري في الأجزاء يكون في طول ملاك الوجوب النّفسي في الكلّ ، ومع اختلاف الرّتبة يستحيل التّأكّد والوحدة.
على أنّ مقتضى التّحقيق هو تعلّق الأمر بذوات الأجزاء الّتي تعرضها الوحدة