بأن يتقدّم الحكم على بعض أجزاء موضوعه ، وهذا مستحيل ؛ إذ بعد فرض اعتبار شيء موضوعا للحكم ، لا يمكن أن يتخلّف ذلك الحكم عن موضوعه ويتقدّم عليه. (١)
هذا ، ولكن يقع الإشكال في مواضع من كلامه ، كما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره. (٢)
الأوّل : أنّ وجه خروج الانتزاعيّات عن محلّ النّزاع ، إنّما هو تكافؤ المتضايفين قوّة وفعلا ، وأنّه لا يعقل الإضافة بين موجود ومعدوم ، لا لما ذكره قدسسره من جواز انتزاعها عمّا تقوم به من غير دخالة الطّرف الآخر فيه ؛ إذ أنّه قدسسره لو أراد انتزاع العنوان الإضافي بلا إضافة إلى طرف الآخر ، فهو واضح البطلان ، ولا يقول به ؛ كيف! وأنّه صرّح بأنّ السّبق ـ مثلا ـ ينتزع من نفس السّابق بالإضافة إلى ما يوجد بعد ذلك.
ولو أراد انتزاعه فعلا بالقياس إلى ما سيصير طرف الإضافة بلا وجود له فعلا ، فهو مستحيل ، لتكافؤ المتضايفين فعلا وقوّة ، وهل هذا إلّا دعوى انتزاع الابوّة فعلا من طفل نعلم أنّه سيولد له ولد؟!
ولو أراد أنّ المعدوم مضاف فعلا ، فهو أوضح بطلانا.
وأمّا تمثيله بعنوان التّقدّم ، وأنّه ينتزع من اليوم الحاضر لتحقّق الغد في موطنه بلا توقّف هذا الانتزاع على مجيء الغد ، فهو خلط بين التّقدّم الذّاتي ، والتّقدم بالمعني الإضافيّ المقوليّ ؛ إذ الزّمان ذاتا متصرّم وله تقدّم وتأخّر بالمعنى الذّاتي ، لا بالمعني الإضافيّ المقوليّ.
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٧٨ الى ٢٨٠.
(٢) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٧٠ الى ١٧٢.