الوضع ، كالإجازة على الكشف ، وما تقدّم من الإشكال على الشّرط المتأخّر يجري في الجميع ، والجواب ما مرّ.
فما ظهر من المحقّق النّائيني قدسسره من اختصاص النّزاع بشرائط المجعول دون شرائط الجعل ؛ معلّلا بأنّها ترجع إلى العلل الغائيّة الّتي تكون مؤثّرة بوجودها العلمي ، غير وجيه ؛ لعدم ثبوت الفرق بينهما حقيقة ، نعم ، يفرق بينهما اعتبارا ، كما يفرق بين نفس الجعل والمجعول هكذا ، فالقدرة ونحوها شرط وعلّة غائيّة بوجودها العلمي للجعل والمجعول ، كما أنّها بوجودها الخارجي شرط لعمل المكلّف ، فالشّرط في المقام هو العلم ، كما أنّ الشّرط في قولك : «أجيئك إن تجئني» هو العلم بمجيء صاحبه غدا ، لا نفس المجيء.
إذا عرفت تلك الامور ، فنقول : إنّ الحقّ عدم وجوب مقدّمة الواجب شرعيّا غيريّا ، وأدلّة الوجوب كلّها مردودة وهي ثلاثة :
الاولى : ما عن الأشاعرة ، ملخّصه : أنّ المولى إذا أوجب شيئا ، فلا بدّ له من إيجاب مقدّماته ، وإلّا لجاز تركها وحينئذ إمّا يكون وجوب ذي المقدّمة باقيا بحاله ، فيلزم منه التّكليف بما لا يطاق وهو محال. أو لم يكن باقيا ، فيلزم منه انقلاب الواجب المطلق إلى المشروط وهو ـ أيضا ـ محال ، كما لا يخفى. (١)
وفيه : أنّ عدم إيجاب المقدّمة شرعا لا يلازم جواز تركها عقلا حتّى يلزم أحد المحالين المتقدّمين ؛ وذلك ، لاستقلال العقل في الحكم بلابدّيّة إتيان المقدّمة والمنع من تركها ، ولذا لو كان المكلّف تاركا لها وتاركا لذيها تبعا لتركها ، عدّ عاصيا مستحقّا للعقوبة.
__________________
(١) راجع ، معالم الدّين : ص ٥٥.