نعم ، لو رخّص الشّارع المكلّف في ترك المقدّمة مع إيجابه ذا المقدّمة والبعث إليه ، لزم التّكليف بما لا يطاق ، بل هذا مساوق لعدم الإيجاب ، وهذا أمر آخر.
الثّانية : ما عن المحقّق الخراسانى قدسسره محصّله : أنّ الأوامر الشّرعيّة الغيريّة فى الشّرعيّات والعرفيّات تدلّ على إيجابها وإرادتها حين إيجاب ذيها وإرادته ، مثل قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ...)(١) وقوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٢) لوضوح أنّه لا يكاد يتعلّق بمقدّمة أمر غيريّ إلّا كان فيها مناطه ، وإذا كان فيها كان في مثلها ، فيصحّ تعلّقه به ـ أيضا ـ لتحقّق مناطه وملاكه. (٣)
وفيه : أنّ أمثال هذه الأوامر مفادها إرشاد إلى الشّرطيّة ، كإرشاد الأوامر المتعلّقة بالأجزاء إلى الجزئيّة ، وكإرشاد بعض النّواهي إلى المانعيّة ، نظير قوله عليهالسلام : «لا تجوز الصّلاة في شعر ووبر ما لا يؤكل لحمه» (٤) وعليه ، فلا تدلّ على الوجوب الغيريّ المولويّ المقدّمي ، كما أنّ الأمر بالمقدّمات الصّادر من الشّرع ـ أيضا ـ قد يكون إرشادا إلى حكم العقل باللابدّيّة ، أو يكون تأكيدا للأمر النّفسي على وجه كنائيّ.
الثّالثة : ما عنه ـ أيضا ـ من إحالة وجوب المقدّمات إلى الوجدان ، حيث قال ، ما هذا لفظه : «إذا عرفت ما ذكرنا ، فقد تصدّى غير واحد من الأفاضل لإقامة
__________________
(١) سورة المائدة (٥) : الآية ٦.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٨ من أبواب النّجاسات ، الحديث ٢ ، ص ١٠٠٨.
(٣) راجع كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٠١.
(٤) وسائل الشّيعة : ج ٣ ، كتاب الصّلاة ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٧ ، ص ٢٥١.