حاقّ النّفس ، فلا اختلاف في الشّوق النّفساني من جهة اختلاف المشتاق إليه ، تارة من جهة الإطلاق والتّقييد ، واخرى من جهة اختياريّة القيد وعدمها ، وثالثة من جهة كون القيد الاختياري متعلّقا للطّلب والشّوق وعدم كونه كذلك ، بل يؤخذ مفروض الوجود ، كالاستطاعة بالإضافة إلى الحجّ.
هذا ، ولكن الكلام إنّما يكون في إطلاق الحكم وتقييده ، والطّلب ، بمعنى : الشّوق ليس من مقولة الحكم ؛ إذ الحكم أمر اعتباريّ لا واقع له ، إلّا اعتبار من بيده الاعتبار ، وهذا أمر تكوينيّ وكيف نفسانيّ تابع لعلله ومباديه من إدراك أمر ملائم للبدن أو النّفس.
وإن كان المراد هو الإرادة ، بمعنى : الاختيار ، فمن المعلوم عدم تعلّقه بفعل الغير الّذي يتوجّه إليه التّكليف ، فلا مجال معه للبحث عن رجوع القيد إلى نفس الطّلب أو إلى متعلّقه وهو المادّة.
وإن كان المراد هو جعل الحكم واعتبار شيء على ذمّة المكلّف ، فهو وإن كان فعليّا دائما لدوران الاعتبار بين الوجود والعدم ، فلا يقبل تقييدا ، تعليقا ، سواء كان المعتبر فعليّا ـ أيضا ـ أو استقباليّا ، إلّا أنّه ليس محلّ الكلام في المقام ، بل الكلام إنّما يكون في رجوع القيد وعدم رجوعه إلى المعتبر.
وإن كان المراد هو متعلّق الاعتبار وهو الوجوب والإلزام ، فلا يخفى عليك : أنّه قابل للتّقييد ، كقبوله للإطلاق ؛ وذلك ، لأنّ الفعل الّذي يتعلّق به الوجوب ، قد يكون ذا ملاك ملزم فعلا بلا حالة منتظرة في ذلك ، فالوجوب حينئذ يكون فعليّا ، وإن كان الواجب استقباليّا متوقّفا على مقدّمات ، كالصّلاة بعد دخول وقتها المتوقّفة على تطهير الثّوب والبدن والوضوء والغسل ، وقد يكون ذا ملاك في ظرف متأخّر ،