وجوب الواجبات النّفسية لأجل التّوصل بها إلى واجبات أخر.
ولكن أورد عليه المحقّق الخراساني قدسسره ، بأنّ الفوائد المترتّبة وإن لم تكن مقدورة بلا واسطة ، إلّا أنّها بالنّظر إلى أسبابها صارت مقدورة ؛ إذ القدرة على السّبب قدرة على المسبّب ، ولأجل ذلك ، يصحّ تعلّق الحكم التّكليفي بمثل عنوان التّطهير والتّمليك والتّزويج ونحوها ممّا لم يكن تحت قدرة المكلّف.
وأجاب عن الاشكال ، بما ملخّصه : أنّ النّفسي هو ما وجب لأجل حسنه الذّاتي ، سواء كان مقدّمة لواجب آخر ، أم لا. والغيري هو ما وجب لأجل حسن غيره ، سواء كان له حسن ذاتي ، كالطّهارات الثّلاث ، أم لم يكن. (١)
هذا ، ولكنّ الحقّ أن يجاب عن الإشكال بعدم قابليّة الغايات ؛ لتعلّق التّكليف بها لابتناء تعلّقه بشيء على أمرين :
أحدهما : كون الشّيء مقدورا للمكلّف.
ثانيهما : كونه أمرا عرفيّا قابلا لأن يصير مكلّفا به حسب أنظارهم ، والغايات وإن كان مقدورة مع الواسطة للقدرة على أسبابها ، لكنّها ليست بامور عرفيّة ، بل امور دقّيّة عقليّة ، وعليه ، فليست الغايات بواجبات شرعيّة حتّى يلزم أن يكون وجوب الواجبات النّفسيّة لأجل التّوصّل إليها ، فتنقلب إلى الواجبات الغيريّة.
ثمّ إنّ هنا إشكال آخر يرد على أصل تقسيم الواجب بالنّفسي والغيرى ، فحاصله : أنّ حصر الواجب بالقسمين المذكورين ممّا لا وجه له ؛ ضرورة ، أنّ بعض الواجبات ممّا لا ينطبق عليه تعريف كلّ واحد من النّفسي والغيري ، نظير المقدّمات
__________________
(١) راجع ، كفاية الوصول : ج ١ ، ص ١٧١ و ١٧٢.