وأمّا بناء على مسلك الشّيخ الأنصاري قدسسره من استحالة رجوع القيد إلى الهيئة ولزوم رجوعه إلى المادّة ، فيتمسّك ـ أيضا ـ بالأصل اللّفظي ، إلّا أنّه يختلف حسب الموارد ، فإذا كان الوجوب مستفادا من الجملة الاسميّة لا من هيئة الأمر ، نظير ما إذا قيل : «صلاة الجمعة واجبة» أو «غسل الجمعة واجب» ونحوهما ، يرجع عند الشّكّ ، إلى إطلاق الهيئة والوجوب لإثبات كون المشكوك واجبا نفسيّا ؛ وذلك ، لكون الوجوب حينئذ معنى اسميّا قابلا للتّقييد. فلو كان الوجوب شرطا لغيره ، لوجب على المولى ـ مع كونه في مقام البيان ـ التّنبيه عليه ، والمفروض عدمه. وأمّا إذا كان مستفادا من هيئة الأمر ، يرجع إلى إطلاق المادّة والواجب ؛ وذلك ، لكون الأمر معنى حرفيّا ، والمعنى الحرفي عنده قدسسره جزئيّ حقيقيّ غير قابل للتّقييد بخلاف الواجب ، فإنّه قابل للتّقييد ، كما هو واضح ، وحيث إنّ المولى كان في مقام البيان ولم ينصب القرينة على تقييد الواجب بقيد ، يحكم بإطلاق الواجب وعدم تقييده بشيء ، وذلك ، نظير دليل الصّوم أو الحجّ أو بعض أنواع الصّلاة ، كصلاة الميّت ، فإذا شكّ في أنّ كلّ واحد من هذه الواجبات مقيّد بالوضوء ـ مثلا ـ يتمسّك بإطلاق المادّة فيها ويحكم بعدم تقييدها بالوضوء ، ولازم ذلك ، عدم كونه غيريّا بالنّسبة إلى تلك الواجبات.
وبالجملة : لا مانع من التّمسّك بالإطلاق ، بناء على المسلكين ، والفرق إنّما هو في كيفيّة التّمسّك ، كما عرفت. هذا كلّه بناء على وجود الإطلاق في المقام.
وأمّا إذا فرض عدم وجوده ، فهل هنا أصل عمليّ يرجع إليه ، أم لا؟
فنقول : لا مانع من جريان الأصل العملي في المقام ، إلّا أنّه يختلف باختلاف صور الشّكّ ، وهي تنتهي إلى أربع :
الاولى : أن يعلم المكلّف بوجوب الشّيء المردّد بين النّفسي والغيري مع علمه