أحدها : ثبوتها الواقعي ؛ ثانيها : ثبوتها العلمي ؛ ثالثها : ثبوتها التّعبّدي.
وأنت ترى ، أنّ شيئا منها لا يصلح لجعل البحث عن حجّيّة الخبر بحثا عن عوارض الموضوع وهو السّنّة.
أمّا الأوّل : فلأنّ المقصود منه هو كون الخبر منشأ لثبوت السّنّة الواقعي وعلّة لوجودها العينيّ الخارجيّ ، ومن المعلوم ، أنّه لا يبحث عن مثل هذا الثّبوت والوجود في علم الاصول ، بمعني : أنّه لا يبحث فيه عن أنّه ، هل توجد وتتحقّق السّنّة في الخارج بخبر الواحد أم لا؟ مضافا إلى أنّ جعل خبر الواحد منشأ لثبوت السّنّة واقعا ، خطأ محض ، كيف! وأنّ السّنّة معلولة لعللها ومباديها التّكوينيّة ، كسائر أقوال المعصوم عليهالسلام أو أفعاله الصّادرة منه عليهالسلام.
وأمّا الثّاني : فلأنّ المقصود منه هو كون الخبر موجبا للعلم بثبوت السّنّة ووجودها العلميّ الواقعيّ الوجدانيّ ، وهذا ـ أيضا ـ ممّا لا يبحث عنه في الاصول ، بمعنى : أنّه لا يبحث فيه عن أنّه ، هل توجد السّنّة وجودا علميّا ذهنيّا بخبر الواحد أم لا؟ فلا يكون إذا من المسائل الاصوليّة.
وأمّا الثّالث : فلأنّ معناه ومرجعه إلى وجوب العمل على طبق الخبر ، كوجوبه على طبق السّنّة ، وهذا المعنى وإن اقتضى كون البحث المفروض بحثا عن العوارض ، إلّا أنّه ليس من عوارض الموضوع وهو السّنّة ، بل من عوارض الحاكي عنها وهو الخبر ، فما هو الموضوع (السّنّة) لا يبحث عن عوارضه ، وما يبحث عن عوارضه وهو الخبر ، لا يكون موضوعا ، بل يكون حاكيا عنه.
هذا كلّه ، لو كان المراد من السّنّة ، معناها الأخصّ وهو نفس قول المعصوم عليهالسلام أو فعله عليهالسلام أو تقريره عليهالسلام.