بأنّ السّنة عبارة : «عن نفس قول المعصوم عليهالسلام وفعله وتقريره» ، ومن المعلوم ، أنّ السّنّة بهذا المعنى حجّة عند الإماميّة ، بلا شبهة ، فلا مجال للبحث عن حجّيتها ، مع أنّ مقتضى كونها موضوعا ، هو البحث عن عوارضها الذّاتية ، كالحجيّة.
نعم ، للبحث عن حجّية خبر الواحد الحاكي عن السّنّة مجال ، إلّا ، أنّ هذا أجنبيّ عن البحث عن حجّيّة الموضوع وهو نفس السّنّة ، وعليه ، فما هو الموضوع (السّنّة) لا يبحث عنه ، وما يبحث عنه (الخبر الحاكي عن السّنّة) ليس هو الموضوع ؛ وهكذا الحال في الخبرين المتعارضين.
لا يقال : إنّ هذا الإيراد يدفع بما صدر عن الشّيخ الأنصاري قدسسره من إرجاع مسألة حجيّة أخبار الآحاد إلى أنّ السّنة وهي قول الحجّة أو فعله أو تقريره ، هل تثبت بخبر الواحد أم لا تثبت (١)؟
لأنّه يقال : أوّلا : أنّ البحث عن ثبوت الموضوع المعبّر عنه ب «مفاد كان التّامّة» أو «الهليّة البسيطة» ، وعدم ثبوته المعبّر عنه ب «مفاد ليس التّامّة» لا يكون بحثا عن عوارض الموضوع المعبّر عنها في القضايا الموجبة ب «مفاد كان النّاقصة» أو «الهليّة المركّبة» وهو ثبوت شيء لشيء ، وفي القضايا السّالبة ب «مفاد ليس النّاقصة» وهو عدم شيء لشيء (في معدولة المحمول) ، أو سلب شيء عن شيء (في السّالبة المحصّلة).
ونتيجة ذلك ، هو ما عرفت من : أنّ البحث المفروض ليس من مسائل العلم ، بل يكون من مباديه التّصديقيّة.
وثانيا : لو سلّم ، أنّ البحث عن ثبوت الموضوع ، هو البحث عن عوارضه ، ولكن لا يجدي ذلك في المقام ؛ إذ المحتملات في ثبوت السّنّة بخبر الواحد ثلاثة :
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٣٨ ، الطّبعة الجديدة.