ومنها : (من الوجوه في الجواب عن الاشكال) ما عن الفقيه البروجردي قدسسره من أنّ عباديّة المقدّمات ومقربيّتها ، إنّما تكون بقصد الأمر النّفسي المتعلّق بذيها ؛ ضرورة ، أنّ هذا الأمر إنّما يدعو المكلّف إلى المقدّمات ، وأمّا الأمر الغيريّ التّرشّحي وإن قلنا : بثبوته بناء على الملازمة ، فهو لا يكفي في عباديّة متعلّقه حيث إنّه لا إطاعة له بما هو هو ، ولا قرب ؛ لكونه اندكاكيّا ظليّا لا ينظر فيه ، بل ينظر به ، كالمعنى الحرفيّ حتّى أنّه لو دلّ عليه الأمر بسبب خطاب مستقلّ ـ أيضا ـ كان هذا الخطاب بنظر العقلاء بعثا وتحريكا نحو ذي المقدّمة وإن كان بحسب الظاهر متعلّقا بالمقدّمة. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ الأمر النّفسي المتعلّق بذي المقدّمة لا يدعو المكلّف إلى المقدّمات ؛ إذ الأمر لا يدعو إلّا إلى متعلّقه ، ومن الواضح ، أنّ متعلّق الأمر النّفسي ، ليس إلّا خصوص ذي المقدّمة ، وثانيا : لو سلّم ذلك ، ولكن عباديّة الطّهارات لا تتوقّف على الأمر النّفسي الفعلى ، كما لا تتوقّف على الأمر الغيريّ ، بل مناط العباديّة في الأفعال أمران :
أحدهما : صلوحها للتّعبّد.
ثانيهما : إتيانها بقصد التّقرّب.
نعم ، لا طريق لنا إلى إحراز الصّلوح غالبا إلّا الوحي والأمر ، فإذا علم صلوح الأفعال للتّعبّد وأتى بها بقصد التّقرّب ، وقعت عبادة ، سواء قصد الأمر ، أم لا.
ثالثا : أنّ ما ذكره قدسسره من دعوة الأمر النّفسي إلى المقدّمات ليس له عين ولا أثر في ارتكاز المتشرّعة ، نعم ، يحكم العقل بلزوم إتيان المقدّمة إذا أحرز توقّف ذيها
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ج ١ ، ص ١٧٣.