ومنها : (من الوجوه في الجواب عن الإشكال) ما عن المحقّق العراقي قدسسره محصّله : أنّ عباديّة الطّهارات إنّما هو بإتيانها بداعي الأمر الغيريّ بلا لزوم محذور الدّور ؛ وذلك ، لانبساط الأمر الغيري بالمركّب أو المقيّد على أجزاء متعلّقه الخارجيّة والعقليّة ، كانبساط الأمر النّفسي على أجزاء الواجب ، فينحلّ الأمر الغيري إلى أوامر غيريّة ضمنيّة ، وعليه ، فنفس الطّهارات تكون مأمورا بها بأمر ضمنيّ ، فاذا أتى بها بداعيه يتحقّق ما هو المقدّمة وهو نفس الأفعال الخارجيّة المتقرّب بها وبه يسقط الأمر الآخر الغيري الضّمني المتعلّق بالقيد بعد فرض كونه توصّليّا ، حيث إنّ متعلّقه حاصل قهرا بامتثال الأمر المتعلّق بالأفعال ونفس الطّهارات. (١)
وقد أجاب عنه الإمام الرّاحل قدسسره بأنّ «دعوته [الأمر الغيري] ليست إلّا إلى إتيان المقدّمة للتّوصّل إلى ذيها ، وليست له نفسيّة وصلاحيّة للتّقرّب ، ولم تكن المقدّمة محبوبة للمولى ، بل لو أمكنه أن يأمر بإتيان ذيها مع عدم الإتيان بمقدّمته لأمر به كذلك ، فالأمر بها من جهة اللّابديّة ومثل ذلك لا يصلح للمقرّبيّة». (٢)
وفيه : أنّ الأمر الغيريّ أمر إلهيّ ولو كان توصّليّا ، فإذا أتى بالمقدّمة بدعوة أمرها وبقصد امتثال ذلك الأمر ، يصير العمل المقدّمي عباديّا ، فحينئذ يدعو الأمر المقدّمي إلى إتيان المقدّمة لا لنفسها ، بل لأجل ذيها فيؤتى بها بداعي أمرها لأجل غيرها ، وهذا غير الدّعوة إلى ذي المقدّمة ، فالفرق بين الدّعوة إلى ذي المقدّمة والدّعوة إلى المقدّمة لأجل ذيها ، يقتضي ثبوت المدّعى من صلاحيّة الأمر الغيري ـ أيضا ـ للدّاعويّة.
__________________
(١) راجع ، بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٣٨١.
(٢) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٠٠.