واخرى حسب مقام الإثبات.
أمّا مقام الثّبوت ، فنقول : إنّ المراد من الواجب الأصلي هو ما يتعلّق به الطّلب والإرادة مستقلّا ويكون المولى ملتفتا إليه تفصيلا ، والمراد من التّبعي هو ما تعلّقا به تبعا وارتكازا ، ويكون موردا للالتفات كذلك ، كإرادة اللازم البيّن عند إرادة الملزوم ، أو ارادة المعلول عند إرادة العلّة ، وعليه ، فهذا التّقسيم مختصّ بالواجب الغيري ولا يتأتّى في النّفسي ؛ وذلك لكونه دائما متعلّقا للطّلب والإرادة بالتّفصيل والأصالة.
أمّا مقام الإثبات : فالمراد بالأصلي هو ما قصد إفهامه بالخطاب ، والمراد بالتّبعي هو ما يدلّ عليه الكلام بالتّبع ، كالمفاهيم والمداليل الالتزاميّة ، وعليه ، فلا يختصّ التّقسيم بالواجب الغيري ، بل يجري في الواجب النّفسي ـ أيضا ـ كما هو واضح.
ولا يخفى عليك : أنّه بالنّظر إلى مقام الإثبات لا ينحصر الواجب بالقسمين المذكورين ، بل هنا قسم ثالث وهو الواجب المستفاد من الأدلّة اللّبيّة ، كالإجماع والسّيرة ، فإنّ هذا الواجب ممّا لا يكون مقصودا بالإفهام من الخطاب والكلام رأسا ، لا أصالة ولا تبعا.
ثمّ إنّ البحث في الأصل عند الشّكّ في التّبعيّة والأصليّة ، ممّا لا فائدة مهمّة فيه ، والمناسب إلغاءه في المقام.
هذا تمام الكلام في الجزء الأوّل ويتلوه ـ إن شاء الله الرّحمن ـ الجزء الثّاني المتكفّل لمبحث الضّد وغيره.
«والحمد لله ربّ العالمين»