إلغاء الخصوصيّة وتجريده عنها ، يصير عامّا ، فيرجع الأمر إلى الوضع العامّ والموضوع له العامّ ، هذا خلف. (١)
هذا كلّه في القول الأوّل (عدم إمكان القسم الرّابع)
أمّا القول الثّاني (إمكان القسم الرّابع) فغاية ما يمكن أن يقال في وجهه امور :
الأوّل : أنّه لا بدّ في كلّ وضع من تصوّر الموضوع والموضوع له ، ولا ريب ، أنّ الموضوع له يتصوّر تارة : بالكنه والتّفصيل ؛ واخرى : بالوجه والإجمال ؛ وثالثة : بالوجه والعنوان المشير ، فكما أنّ تصوّره على الأوّلين كاف في تحقّق الوضع ، كذلك تصوّره على الثّالث.
توضيحه : أنّ الواضع يتصوّر خاصّا كزيد ـ مثلا ـ وخاصّا آخر مشابها له كعمرو ، فيعلم أنّ بين الخاصّين قدرا جامعا وأمرا كلّيّا مشتركا متّحدا معهما ومع غيرهما ، فيضع حينئذ اللّفظ لهذا الجامع الّذي لا يعرفه إلّا بالوجه والعنوان المشير وهو عنوان «المتّحد مع الخاص» وواضح : أنّ هذا المقدار من المعرفة كاف في الوضع.
وبهذا البيان يمكن القسم الثّالث ـ أيضا ـ بأن يقال : إنّ اللّفظ وضع للأفراد والمصاديق الّتي لا تكون متصوّرة معروفة ، لا تفصيلا ولا إجمالا ، بل متصوّرة بالوجه والعنوان المشير وهو عنوان «المتّحد مع الجامع العامّ».
هذا ، ولكن لا يخفى عليك : أنّ هذا البيان ينتج كون الوضع من باب الوضع العامّ والموضوع له العامّ ؛ إذ المفروض أنّ الجامع العامّ عرف بعنوانه المشير ، فوضع له اللّفظ ، فتأمّل جيّدا.
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ص ٣٩ و ٤٠.