عندهم موضوعة للمشار إليه المفرد المذكّر بأحد أنحاء الوضع ، فإذا تكون معاني أسماء الإشارات معان اسميّة ومفاهيم مستقلّة.
ولكن الحقّ : ما ذهب إليه السّيّد البروجردي قدسسره وكذا الإمام الرّاحل قدسسره : من أنّها موضوعة لإيجاد الإشارة ، فتكون آلات لإنشائها ، كحروف النّداء والقسم ونحوهما من الحروف الإيجاديّة.
حيث قالا في توضيح ذلك ، ما محصّله : أنّ استعمال المتكلّم للّفظ وطلبه لعمله في المعنى ، تارة يكون بنحو الإعلام والإفهام ، بأن يكون للمعنى نفس أمريّة ما في الخارج ، أو الذّهن ، أو في عالم الاعتبار مع قطع النّظر عن الاستعمال ، فيراد من الاستعمال إفهامه للسّامع وإعلامه إيّاه ، حتّى يتصوّره أو يصدّق وقوعه ويذعن به من المعاني الاسميّة المستقلّة أو الحرفيّة الاندكاكيّة الرّبطيّة ؛ واخرى يكون بنحو الإيجاد والإنشاء ، بأن يكون اللّفظ المستعمل ، آلة لإيجاده ، وهذا فيما إذا لم يكن للمعنى نفس أمريّة ما أصلا لو لا الاستعمال ، وهذا القسم ، إمّا لا يكون فانيا مندكّا في غيره ، كالطّلب الموجد بفعل الأمر ، أو النّهي ، وكجميع المعاني العقديّة ، أو الإيقاعيّة الموجدة في عالم الاعتبار بألفاظهما وصيغهما المخصوصة (١) ، وإمّا يكون فانيا مندكّا في غيره ، كالمعنى الحرفي ، وهذا ، نظير الإشارة الّتي توجد وتنشأ بأسمائها (هذا ونحوه) فهذه الأسماء ، إنّما وضعت لأن توجد بها الإشارة الّتي هي أمر اندكاكيّ وفنائيّ ، وامتداد موهوم متوسّط بين المشير والمشار إليه ، بحيث لو لا الاستعمال ، لم يكن من الإشارة عين ولا أثر ، نظير الإشارة بالإصبع ونحوها ، فإنّها توجد وتنشأ من آلاتها تكوينا
__________________
(١) ولقائل أن يقول : كيف لا يكون الطّلب الموجد اندكاكيّا ، كالإشارة ، فتأمّل.