لكن قيل : إن «الباء» دخلت لتدل على لزوم الإثبات ومداومته ، كقوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ٩٦ : ١
وقيل : إن الباء فى «بالدهن» إنما دخلت على مفعول ثان ، هو فى موضع الحال ، والأول محذوف ؛ تقديره : تنبت حبا بالدهن ؛ أي : وفيه دهن ، كما تقول : خرج بثيابه ، وركب بسلاحه ؛ أي : خرج لابسا ومسلحا ، فالمجرور فى موضع الحال.
فأما من فتح «التاء» ، ف «الباء» للتعدية لا غير ، لأنه ثلاثى لا يتعدى ؛ ويجوز أن يكون فى موضع الحال ؛ وقد قالوا : نبت الزرع ، وأنبت ، فتكون القراءتان بمعنى.
٢٩ ـ (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)
«منزلا» : من ضم «الميم» جعله مصدرا من «أنزل» ، وقبله «أنزلنى» ، ومعناه : إنزالا مباركا.
ويجوز أن يكون اسما للمكان ؛ كأنه قال : أنزلنى مكانا أو موضعا ؛ فهو مفعول به لا ظرف ، كأنه قال : اجعل لى مكانا.
ومن فتح «الميم» جعله مصدرا لفعل ثلاثى ، لأن «أنزل» يدل على «نزل».
ويجوز أن يكون اسما للمكان أيضا.
٣٣ ـ (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)
«ممّا تشربون» : «ما» والفعل مصدر ، فلا تحتاج إلى عائد.
ويجوز أن تكون بمعنى «الذي» ، ويحذف العائد من «تشربون» ؛ أي : مما تشربونه.
وقال الفراء : تقديره : مما تشربون منه ، وحذفت «منه».
٣٥ ـ (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ)
«أنكم مخرجون» : أن ، بدل من «أن» الأولى ، المنصوبة ب «يعد» ، عند سيبويه.
وقال الجرمي والمبرد : هى تأكيد للأولى ، لأن البدل من «أن» لا يكون إلا بعد تمام صفتها.
ويلزمهما أيضا ألا يجوز التأكيد ، لأن التأكيد لا يكون إلا بعد تمام الموصول بصلته ، وصلته هو الخبر ، والخبر يتم إلى قوله «مخرجون» ، ولم يأت بعد.
وقال الأخفش : «أن» الثانية ، فى موضع رفع ، بالظرف ، وهو «إذا» ؛ تقديره : أيعدكم أنكم إذا متم