١٥ ـ (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً)
«أذلك خير أم جنة الخلد» : قيل : هو مردود على قوله : «إن شاء جعل لك خيرا من ذلك» الآية : ١٠ ، فرد الجنة على ما ما لو شاء تعالى كونه فى ذلك ، إشارة إلى ما ذكر من الجنات والقصور فى الدنيا.
وقيل : هو مردود على ما قبله من ذكر السعير والنار ، وجاء التفضيل بينهما على ما جاء عن العرب ؛ حكى سيبويه : الشقاء أحب إليك أم السعادة؟ ولا يجوز فيه عند النحويين : السعادة خير من الشقاء ، لأنه لا خير فى الشقاء فيقع فيه التفاضل ، وإنما تأتى «أفعل» أبدا فى التفضيل بين شيئين فى خير أو شر ، وفى أحدهما من الفضل والشر ما ليس فى الآخر ، وكلاهما فيه فضل أو شر ، إلا أن أحدهما أكثر فضلا أو شرا.
وقد أجاز الكوفيون : العسل أحلى من الخل ، ولا حلاوة فى الخل ، فيفاضل بينهما وبين حلاوة العسل.
ولا يجيز هذا البصريون ، ولا يجوز : المسلم خير من النصراني ؛ إذ لا خير فى النصراني ؛ ولو قلت : اليهودي خير من النصراني ، لم يجز ، إذ لا خير فى واحد منهما : ولو قلت : اليهودي شر من النصراني ، جاز ؛ إذ الشر فيهما موجود ، وقد يكون أحدهما أكثر شرا.
٢٢ ـ (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً)
«يوم يرون الملائكة» : العامل فى «يوم» محذوف ؛ تقديره : يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة. ولا يعمل فيه «لا بشرى» ، لأن ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله.
وقيل : التقدير : واذكر يا محمد يوم يرون الملائكة.
«لا بشرى» : لا يجوز أن تعمل «لا بشرى» فى «يومئذ» ، إذا جعلت «لا بشرى» مثل : «لا رجل» ، وبنيت على الفتح ؛ ولكن تجعل «يومئذ» خبرا ، لأن الظروف تكون خبرا عن المصادر ، و «للمجرمين» : صفة ل «بشرى» ، أو تبيينا له.
ويجوز أن تجعل «للمجرمين» خبر ل «بشرى» ، و «يومئذ» ، تبيينا ل «بشرى». وإن قدرت أن «بشرى» غير مبينة مع «لا» جاز أن تعملها فى «يومئذ» ، لأن المعاني تعمل فى الظروف.