٤٦ ـ (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)
«ولكن رحمة من ربك» : انتصب «رحمة» على المصدر ، عند الأخفش ؛ والتقدير : ولكن رحمه ربك محمد رحمة.
وهو مفعول من أجله ، عند الزجاج ؛ أي : ولكن للرحمة فعل ذلك ؛ أي : من أجل الرحمة.
وقال الكسائي : هو خبر «كان» مضمرة ، بمعنى : ولكن كان ذلك رحمة من ربك.
ويجوز فى الكلام الرفع على معنى : ولكن هى رحمة.
٥٨ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها)
«المعيشة» : نصب ، عند المازني ، على تقدير حذف حرف الجر ؛ تقديره : بطرت فى معيشتها.
وقال الفراء : هى نصب على التفسير ،
وهو بعيد ؛ لأنها معرفة والتفسير لا يكون إلا نكرة.
وقيل : هى نصب ب «بطرت» ، وبطرت : بمعنى : جهلت ؛ أي : جهلت شكر معيشتها ، ثم حذف المضاف.
٦٨ ـ (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
«ما» : الثانية ، لا موضع لها من الإعراب.
وقيل : هى فى موضع نصب ب «يختار» ، وليس ذلك يحسن فى الإعراب ، لأنه عائد يعود على ما فى الكلام. وهو أيضا بعيد فى المعنى والاعتقاد ، لأن كونها للنفى يوجب أن يعم جميع الأشياء التي حدثت بقدر الله واختياره ، وليس للعبد فيها شىء غير اكتسابه بقدر من الله.
وإذا جعلت «ما» فى موضع نصب ب «يختار» ، لم يعم جميع الأشياء أنها مختارة لله جل ذكره ، وإنما وجب أنه يختار ما لهم فيه الخير لا غير ، وبقي ما ليس لهم فيه خير موقوفا ؛ وهذا مذهب القدرية المعتزلة.
فكون «ما» للنفى أولى فى المعنى ، وأصح فى التفسير ، وأحسن فى الاعتقاد ، وأقوى فى العربية ، ألا ترى أنك لو جعلت «ما» فى موضع نصب ، لكان ضميرها فى «كان» اسمها ، والواجب نصب «الخيرة» ، ولم يقرأ بذلك أحد.