١٥ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ
أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ
صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي
مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
«حسنا» : فعل ، وليس بفعلى ، لأن «فعلى» لا ينصرف فى معرفة ولا نكرة ، ثم إن «فعلى» أيضا فى مثل هذا الموضع لا يستعمل إلا بالألف واللام ، والنصب فيه على أنه قام مقام مضاف محذوف ؛ تقديره : ووصينا الإنسان بوالديه أمرا ذا حسن ، فحذف الموصوف وقامت الصفة مقامه ، وذلك مثل قوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) ٣٤ : ١١ ، ثم حذف المضاف وهو «ذا» وأقام المضاف إليه وهو «حسن» مقامه.
ومن قرأه «إحسانا» ، فهو نصب على المصدر ؛ وتقديره : ووصينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا.
وقرأ عيسى بن عمر «حسنا» ، بفتحتين ؛ تقديره : فعلا حسنا.
«ثلاثون شهرا» : أصل «ثلاثين» أن تنصب لأنه ظرف ، لكن فى الكلام حذف ظرف مضاف ؛ تقديره : وأمد حمله وفصاله ثلاثون شهرا ، فأخبرت بظرف عن ظرف ، وحق الكلام أن يكون الابتداء هو الخبر فى المعنى ، ولو لا هذا الإضمار لنصبت «ثلاثين» على الظرف ، ولو فعلت ذلك لانقلب المعنى ولتغير ولصارت الوصية فى ثلاثين شهرا ، كما يقول : كلمته ثلاثين شهرا ؛ أي : كلمته فى هذه المدة ، فيتغير المعنى بذلك ، فلم يكن بد من إضمار ظرف ليصح المعنى الذي قصد إليه ، لأنه تعالى إنما أراد تبيين كم أمد الحمل والفصال عن الرضاع ؛ ودلت هذه على أن أقل الحمل ستة أشهر ، لأنه تعالى قد بين فى هذا الموضع أن أمد الرضاع سنتان ، وهى هاهنا أن أمد الرضاع والحمل ثلاثون شهرا ، فإذا أسقطت سنتين من ثلاثين شهرا بقي أمد الحمل ستة أشهر.
١٧ ـ (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ
مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا
إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
«ويلك» : نصب على المصدر.