وإنما لم يجاز ب «إذا» فى كل الكلام ، وتعمل كغيرها ، لأنها مخالفة لحروف الشرط ، لما فيها من التحديد والتوقيت فى جواز وقوع ما بعدها ، وكونه بغير احتمال ، وحروف الشرط غيرها ، إنما هى لشىء يمكن أن يقع وأن لا يقع ؛ وقد يقع «إذا» لشىء لا بد له أن يقع ، نحو : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ٨٤ : ١ ، و (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ٨١ : ١.
٣ ـ (خافِضَةٌ رافِعَةٌ)
رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : هى خافضة.
ومن قرأ بالنصب فعلى الحال من «الواقعة» الآية : ١ ، وفيه بعد ، لأن الحال فى أكثر أحوالها أن تكون ويمكن أن لا تكون ، والقيامة لا شك أنها ترفع قوما إلى الجنة وتخفض آخرين إلى النار ، فلا بد من ذلك ، فلا فائدة فى الحال.
وقد أجاز الفراء نصبها على إضمار : وقعت خافضة رافعة.
٤ ـ (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا)
العامل فى «إذا» ، عند الزجاج : «وقعت» الآية : ١ ، وهذا بعيد ، إذا أعملت «وقعت» فى «إذا» الأولى ، فإن أضمرت ل «إذا» الأولى عاملا آخر يحسن عمل «وقعت» فى «إذا» الثانية ، إلا أن تجعل «إذا» الثانية بدلا من الأولى ، فيجوز عمل «وقعت» فيهما جميعا.
٨ ـ (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ)
«أصحاب» ، الأولى : مبتدا ، و «ما» : ابتداء ثان ، وهى استفهام ، معناه : التعجب فى التعظيم ، و «أصحاب الميمنة» : خبر «ما» ، وخبر «أصحاب» الأولى ، وجاز ذلك ، وليس فى الجملة ما يعود على المبتدأ ، لأن المعنى : ما هم؟ ف «هم» : يعود على المبتدأ الأول ، فهو كلام محمول على معناه لا على لفظه ، ومثله (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) ٦٩ : ١ ، ٢ ، و (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) ١٠١ : ١ ، ٢ ، وإنما ظهر الاسم الثاني ، وحقه أن يكون مضمرا ، لتقدم إظهاره ليكون أجل فى التعظيم والتعجب وأبلغ ، ومثله أيضا : «فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة».
١٠ ، ١١ ـ (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)
«السابقون» ، الأول ، ابتداء ؛ والثاني : نعته.
«وأولئك المقربون» : ابتداء وخبر ؛ فى موضع خبر الأول.