وذلك كله ، على ما سبق فى علم الله فيهم.
وأجاز الكوفيون أن تكون «ما» : زائدة ، و «إن» : للشرط.
ولا يجوز هذا عند البصريين ، لأن التي للشرط لا تدخل على الأسماء ، إذ لا يجازى بالأسماء إلا أن يضمر بعد «إن» فعلا ، نحو قوله : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ٩ : ٦ ، فأضمر «استجارك» بعد أن ورد عليه الثاني ، فحسن حذفه ، ولا يمكن إضمار فعل بعد «إن» هاهنا ، لأنه يلزم رفع «شاكر» و «كفور» بذلك الفعل.
وأيضا فإنه لا دليل على الفعل المضمر فى الكلام.
وقيل : فى الآية تقديم وتأخير ؛ والتقدير : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه إما شاكرا وإما كفورا فجعلناه سميعا بصيرا ، فيكونان حالين من «الإنسان» على هذه.
٤ ـ (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً)
«سلاسلا ، قواريرا» الآيتان : ١٥ ، ١٦ ، أصله كله يصرف ، لأنه جمع ، والجمع ثقيل ، ولأنه لا يجمع ، فخالف سائر الجموع ، ولأنه لا نظير له فى الواحد ، ولأنه غاية الجموع ، إذ لا يجمع ، فثقل فلم ينصرف.
فأما من صرفه من القراء ، فإنها لغة لبعض العرب.
حكى الكسائي : أنهم يصرفون كل ما لا ينصرف ، إلا : أفعل منك.
وقال الأخفش : سمعنا من العرب من يصرف هذا وجميع ما لا ينصرف.
وقيل : إنما صرفه لأنه وقع فى المصحف بالألف ، فصرفه على الإتباع لخط المصحف ، وإنما كتب فى المصحف بالألف ، لأنها رءوس الآي ، فأشبهت القوافي والفواصل ، التي يزاد فيها الألف للوقف.
وقيل : إنما صرفه من صرفه لأنه جمع كسائر الجموع ، وجمعه بعض العرب ، فصار كالواحد فانصرف كما ينصرف الواحد ، ألا ترى إلى قول النبي صلىاللهعليهوسلم لحفصة : إنكم لأنتن صواحبات يوسف ، فجمع «صواحب» بالألف والتاء ، كما يجمع الواحد ، فصار كالواحد فى الحكم ، إذ قد جمع كما يجمع الواحد ، فانصرف كما ينصرف الواحد.
وحكى الأخفش : مواليات فلان ، فجمع «موالى» ، فصار كالواحد.
٥ ، ٦ ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً
يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً)
انتصب «عينا» ، على البدل من «كافورا».