الآيات السالفة ، بأنّ المقصود من الزوجين في هذه الآيات هو عنصري الذكر والانثى نفسيهما ، وإن لم يوضحوا هذا المطلب بصورة كاملة (١).
* * *
١٠ ـ القرآن يكشف النقاب عن مسألة مراحل تطور الجنين
وردت ضمن الآيات القرآنية المرتبطة بعلائم التوحيد ودلائل المعاد إشارات غزيرة المعاني إلى مسألة خلق الإنسان من النطفة ومن ثمَّ مراحل تطور الجنين. والتي يمكن عدّ بعض منها في قائمة المعجزات العلمية للقرآن.
من جملتها ما نقرأه في الآية الثانية من سورة الإنسان : (انَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُّطفَةٍ أَمشَاجٍ نَّبَتلِيهِ فَجَعَلنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً).
«النطفة» : في اللغة بمعنى الماء الصافي أو الماء القليل (٢). (الامشاج) جمع مشج (على وزن نسج أو على وزن سَبب). أو جمع مشيج بمعنى الشيء المختلط. وقد ابدى المفسرون احتمالات متعددة في صدد الجواب عن ما هو الشيء الذي تختلط به النطفة.
فتارة تصوروا أنّ ذلك إشارة إلى تركيب نطفة الإنسان من «الحيامن» و «البويضة» ، وتارة أنّه إشارة إلى كونها مركبة من الاستعدادات المختلفة من الناحية الجسمية أو الروحية (القبح والحسن ، الذكاء والغباء و ...). واخرى إلى أنّه إشارة إلى أنّ نطفة الإنسان مركبة من مواد مختلفة من المعادن ونحوها.
بطبيعة الحال أنّ ذلك كله حسن ، ولعله كان من أفضل التفاسير في عصره ، إلّاأنّه لا ينطبق بدقة على معنى الآية. ذلك أنّ لفظة الأمشاج جمع ، واطلاقها على شيئين أي (البويضة والحيمن) خلاف الظاهر ، هذا أولاً ، وثانياً : أنّ وجود الاستعدادات المختلفة في
__________________
(١) جاء في تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٦٠ ، عن أحد المفسرين القدماء ويدعى «ابن زيد» أنّه قال في تفسير الآية (ومن كل شيء خلقنا زوجين ...) الزوجين الذكر والانثى. كما ورد هذا المعنى نفسه عن قتادة في تفسير الآية (سبحان الذي خلق الأزواج كلها). (تفسير القرطبي ، ج ٨ ص ٥٤٧٠).
(٢) تمت الإشارة إلى المعنى الأول في معجم مقاييس اللغة والمفردات ، والى المعنى الثاني في لسان العرب.