أما الإسماعيلية فساقوا الإمامة إلى جعفر الصادق ، وزعموا أن الإمام بعده ابنه إسماعيل ، وإليه تنسب هذه الفرقة (١).
وافترقت الإسماعيلية فرقتين :
ـ فرقة منتظرة لإسماعيل بن جعفر ، مع اتفاق أصحاب التواريخ على موت إسماعيل في حياة أبيه.
ـ وفرقة قالت : كان الإمام بعد جعفر سبطه محمد بن إسماعيل بن جعفر ، حيث إن جعفرا نصب ابنه إسماعيل للإمامة بعده ، فلما مات إسماعيل في حياة أبيه علمنا أنه إنما نصب ابنه إسماعيل للدلالة على إمامة ابنه محمد بن إسماعيل (٢).
وقد نشأ ذلك المذهب بالعراق كغيره من مذاهب الشيعة ، واضطهد كما اضطهد غيره ، وقد فر المعتنقون له بتأثير الاضطهاد إلى فارس وخراسان ، وما وراء ذلك من الأقاليم الإسلامية كالهند والتركستان ، وهناك خالط مذهبهم بعض آراء من عقائد الفرس القديمة ، والأفكار الهندية ، وتحت تأثير ذلك انحرف كثيرون منهم فقام فيهم ذوو أهواء ؛ ولذلك حمل اسم الإسماعيلية طوائف كثيرة ، بعضهم لم يخرجوا عن دائرة الإسلام ، وبعضهم انحرفوا بما انتحلوا من نحل لا يتفق ما اشتملت عليه مع المقرر الثابت من الأحكام الإسلامية ، وقد سموا الباطنية أو الباطنيين ؛ وذلك لاتجاههم إلى الاستخفاء عن الناس ، الذي كان وليد الاضطهاد أولا ، ثم صار حالة نفسية عند طوائف منهم (٣).
ومن الآراء الشاذة التي قال بها الإسماعيلية الباطنية :
ـ زعمهم أن الأنبياء قوم أحبوا الزعامة فساسوا العامة بالنواميس والحيل طلبا للزعامة بدعوة النبوة والإمامة.
ـ تأولوا لكل ركن من أركان الشريعة تأويلا يورث تضليلا ، فزعموا أن معنى الصلاة موالاة إمامهم ، والحج زيارته وإدمان خدمته ، والمراد بالصوم الإمساك عن إفشاء سر الإمام دون الإمساك عن الطعام ، والزنى عندهم إفشاء سرهم بغير عهد وميثاق.
وزعموا أن من عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها ، وتأولوا في ذلك قوله : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر : ٩٩] ، وحملوا اليقين على معرفة التأويل (٤).
__________________
(١) انظر : الفرق بين الفرق للبغدادي (ص ٨١).
(٢) انظر : السابق (ص ٨١).
(٣) تاريخ المذاهب الإسلامية ، محمد أبو زهرة (ص ٥٢).
(٤) الفرق بين الفرق (ص ٣١٨).