كما زعموا أن تكاليف الدين وشعائره ليست إلا للعامة ولا يلزم الخاصة أن يعملوا بها (١).
ويقول البغدادي موضحا خطر الباطنية : «اعلموا ـ أسعدكم الله ـ أن ضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس ، بل أعظم من مضرة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم ، بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر في آخر الزمان ؛ لأن الذين ضلوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يضلون بالدجال في وقت ظهوره ؛ لأن فتنة الدجال لا تزيد مدتها على أربعين يوما ، وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر (٢).
الكيسانية والراوندية :
سميت الكيسانية بذلك نسبة إلى كيسان رئيس جند المختار ابن عبيد الله الثقفي الذي خرج ودعا إلى محمد بن الحنفية.
ومنهم من يزعم أن محمد بن الحنفية لا يزال حيّا بجبال رضوى.
ومنهم من قال : إن الإمام بعد ابن الحنفية ابنه عبد الله بن محمد أبو هاشم الذي أوصى لمحمد بن علي بن عبد الله بن العباس بالإمامة ، ومن ثم انتقلت الإمامة من أبناء علي إلى أبناء العباس.
ومن الكيسانية نشأت الراوندية ، حيث أوصى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى ابنه إبراهيم ، وإبراهيم أوصى إلى أخيه أبي العباس السفاح مؤسس الدولة العباسية.
والراوندية فرقة تشيعت للعباسيين ولم تكتف بمدح العباس بل أنكروا على أبي بكر وعثمان أن تقلدوا الخلافة مع وجود العباس ، وأنه ما كان يجوز لأحد أن يتولاها إلا العباس وعلي ؛ لأن العباس أذن له فيها.
بل ذهبوا إلى أبعد من هذا حينما قال بعضهم بالتناسخ ، أي : حلول روح آدم في زعيم لهم ، وروح جبريل في آخر (٣).
__________________
(١) تاريخ التشريع الإسلامي ، للشيخ السائس (ص ٢١٥).
(٢) الفرق بين الفرق (ص ٣٠٥).
(٣) انظر : الفرق بين الفرق ص (ص ٢٦ ، ٢٧) ، مقالات الإسلاميين (١ / ٢٨) ، وتاريخ التشريع الإسلامي للشيخ السائس (ص ٢١٧).