والاختلاف في هذه المسألة اختلاف حول الإجابة عن سؤال مهم ، ألا وهو :
هل يسعد الشقي أم لا ، وهل يشقى السعيد أم لا؟ حيث اختلف الماتريدية مع الأشاعرة في الإجابة عن هذا السؤال.
فعند الماتريدية :
يرى الماتريدية أن السعادة والشقاوة تكونان في الحال ، وليستا أزليتين ، وبذلك يكون السعيد عندهم هو المؤمن في الحال ، ولو مات على الكفر فقد انقلب شقيّا بعد أن كان سعيدا ، والشقي هو الكافر في الحال ، ولو مات على الإيمان فقد انقلب سعيدا (١).
أما عند الأشاعرة :
فمفهوم السعادة عندهم هو الموت على الإيمان ، وذلك ـ باعتبار تعلق علم الله ـ تعالى ـ أزلا بذلك.
وكذلك فالشقاوة عندهم هي الموت على الكفر.
وبذلك يكون السعيد عندهم سعيدا في الأزل ، والشقي شقيّا في الأزل ، ولا يتبدل السعيد شقيّا ، أو الشقي سعيدا (٢).
والحق أن الخلاف بين الماتريدية والأشعرية في هذه المسألة خلاف لفظي ، ومحصور في مسألة بعينها ألا وهي : حال من أسلم بعد الكفر : هل هو شقي أم سعيد؟ والفريقان متفقان على أنه سعيد بإسلامه ، لكنهم قد اختلفوا فيما إذا كان قد تبدل بإسلامه من الشقاوة إلى السعادة أم أنه سعيد أزلا في علم الله تعالى ، وليس هناك تبدل ، والكفر عرض له.
فقد ذهب الماتريدية إلى أنه قد تحول بإسلامه من الشقاوة إلى السعادة ، وذلك غير مخالف لما في علم الله أزلا.
أما الأشاعرة : فقد ذهبوا إلى أنه سعيد ، ولم يتبدل حاله من حيث السعادة والشقاوة ، فهو في حالة الكفر كان سعيدا أيضا تبعا للخاتمة (٣).
* * *
__________________
(١) انظر : الفقه الأكبر بشرح ملا علي القاري (٢١٢ ، ٢١٣).
(٢) انظر : الإبانة عن أصول الديانة ، لأبي الحسن الأشعري (٢٢٥).
(٣) انظر : الروضة البهية (ص ٨٩ ، ٩٠).