قتل منهم بالحجاز في وقت واحد نحو ما قتل عبد الله بن علي ...».
قال ابن دأب : فسر والله الهادي (١).
الصعوبات التي واجهت أبا جعفر المنصور في سبيل إرساء دعائم الدولة العباسية وتثبيت أركانها :
توفي أبو العباس السفاح سنة ١٣٦ ه بعد أن عهد بالخلافة إلى أخيه أبي جعفر المنصور على أن يليه في ولاية العهد عيسى بن موسى بن محمد العباسي.
وقد أنفق أبو جعفر سني خلافته في تثبيت دعائم الملك العباسي وتوطيد أركان الخلافة الجديدة ، وأبدى من الحزم والفطنة والكفاية ما هو خليق بعظماء الرجال ، حتى عده المؤرخون بحق المؤسس الحقيقي للدولة العباسية ؛ إذ استطاع أبو جعفر بفضل ما أتيح له من مواهب سياسية جماعها الحزم والشجاعة وسداد الرأي أن يقضي على الأخطار المحدقة بالدولة العباسية في طورها الباكر ، ولا غرو فهو على حد قول السيوطي :
«فحل بني عباس هيبة وشجاعة وحزما ، ورأيا وجبروتا ، جمّاعا للمال تاركا اللهو واللعب ، كامل العقل جيد المشاركة في العلم والأدب ، فقيه النفس قتل خلقا كثيرا حتى استقام ملكه» (٢).
وقد تمثلت هذه الأخطار التي واجهت أبا جعفر فيما يلي :
١ ـ ثورة عبد الله بن علي العباسي.
٢ ـ تضخم نفوذ أبي مسلم الخراساني وإدلاله على الخلفاء العباسيين.
٣ ـ ثورات العلويين.
أولا : ثورة عبد الله بن علي العباسي :
أبى عبد الله بن علي العباسي أن يبايع أبا جعفر المنصور ، ورأى أنه أحق بالخلافة من ابن أخيه ، فادعى أن أبا العباس لما أراد توجيه الجند لقتال مروان بن محمد قال لهم : «من انتدب منكم للمسير إليه فهو ولي عهدي ، وإنه لم ينتدب لهذا الأمر أحدا غيري» (٣) ، فبايعه الجند والقواد بالخلافة. ولم تكد هذه الأخبار تنتهي إلى مسامع أبي جعفر حتى وجه إليه أبا مسلم الخراساني الذي قال له : لا تخفه فأنا أكفيكه إن شاء الله ، فإن عامة جنده من
__________________
(١) مروج الذهب ، المسعودي (٣ / ٣٣٨).
(٢) تاريخ الخلفاء ، السيوطي ، ص ٢٠٨ ، دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان.
(٣) ابن الأثير (٥ / ٤٦٤).