معرّضا : «قد نبغ في زماننا مفسرون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه» (١).
وقد فرق العلماء بين اللفظين بفروق شتى ، نورد أبرزها ـ خشية الإطالة ـ فمثلا الراغب الأصفهاني يقول : «التفسير أعم من التأويل ، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ ، والتأويل في المعاني» (٢).
وأبو طالب الثعلبي يفرق فيقول : «التفسير : بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازا ، كتفسير «الصراط» بالطريق ، و «الصيب» بالمطر. والتأويل : تفسير باطن اللفظ ، مأخوذ من الأول ، وهو الرجوع لعاقبة الأمر ، فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد ، والتفسير إخبار عن دليل المراد» (٣).
والماتريدي صاحبنا يقول : «التفسير : القطع على أن المراد من اللفظ هذا ، والشهادة على الله أنه عنى باللفظ هذا ، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح ، وإلا فتفسير بالرأي ، وهو المنهي عنه ، والتأويل : ترجيح أحد المحتملات بدون قطع ، والشهادة على الله» (٤).
والأقوال كثيرة في التفريق بين التفسير والتأويل ، بعضها يصل بمفهوم المصطلحين إلى حد التباين ، ولعل أولاها بالقبول ما ذكره جملة من العلماء من أن التفسير يرجع إلى الرواية ، والتأويل يرجع إلى الدراية والاستنباط ؛ لأن التفسير كشف وبيان عن مراد الله ، والكشف عن مراد الله لانجزم به إلا إذا ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي ، وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع ، وخالطوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم. أما التأويل فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ بالدليل ، وهذا الترجيح يعتمد على الاجتهاد.
ومن ثم قال الزركشي ـ فيما أشرنا إليه من قبل ـ : «وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التفرقة بين التفسير والتأويل ، التمييز بين المنقول والمستنبط ؛ ليحمل على الاعتماد
__________________
(١) السابق ، الصفحة نفسها.
(٢) د. الذهبي : التفسير والمفسرون (١ / ٢١) ، ود. السيد خليل : نشأة التفسير في الكتب المقدسة والقرآن ص ٢٩ نقلا عن : مقدمة في التفسير للراغب ص ٤٠٢ ، ٤٠٣.
(٣) السيوطي : الإتقان في علوم القرآن (٢ / ١٧٣). وينظر : د. أبو شهبة : الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ص ٤٣.
(٤) السيوطي : الإتقان في علوم القرآن (٢ / ١٧٣) ، والتفسير والمفسرون (١ / ٢١ ، ٢٢).