بيده يقللها» (١) ، فقد اختلف السلف في تعيين هذه الساعة ، وهل هي باقية أو رفعت؟ وإذا كانت باقية ، فهل هي في جمعة واحدة من السنة أو في كل جمعة منها؟
فنجد أن أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ يسأل كعب الأحبار عن ذلك ، فيجيبه كعب بأنها في جمعة واحدة من السنة ، فيرد عليه أبو هريرة قوله هذا ، ويبين له أنها في كل جمعة ، فيرجع كعب إلى التوراة فيرى الصواب مع أبي هريرة ، فيرجع إليه.
ثم يتوجه أبو هريرة إلى عبد الله بن سلام يسأله تحديد هذه الساعة ، ويقول له : أخبرني ولا تضن علي ، فيجيبه ابن سلام بأنها آخر ساعة في يوم الجمعة ، فيرد عليه أبو هريرة بقوله : كيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي» (٢) ، وتلك الساعة لا يصلى فيها؟
ولذا كان تعليق كعب الأحبار على مثل هذه الأسئلة والمحاورات : «ما رأيت رجلا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من أبي هريرة» (٣).
ويدل هذا الموقف من أبي هريرة على تيقظ الصحابة لهذه الأفكار الدخيلة التي بدأت تتسرب إلى دينهم ، ومقاومتهم لها في هذا الوقت المبكر (٤).
المفسرون من الصحابة :
اشتهر عدد غير قليل من الصحابة المفسرين ، عد السيوطي ـ رحمهالله ـ منهم : الخلفاء الراشدين ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبا موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير ، رضي الله عنهم أجمعين.
وهناك من تكلم في التفسير غير هؤلاء : كأنس بن مالك ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعائشة ، غير أن ما نقل عنهم في التفسير قليل جدّا ، فلم يكن لهم
__________________
(١) أخرجه أحمد (٢ / ٤٨٦ و ٥٠٤) و (٥ / ٤٥١ و ٤٥٣) ، وأبو داود (١ / ٣٤١) كتاب الصلاة باب فضل يوم الجمعة (١٠٤٦) والترمذي (١ / ٥٠٢) كتاب الجمعة باب في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة (٤٩١) والنسائي (٣ / ١١٣) كتاب الجمعة باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء وابن خزيمة (١٧٣٨) وأبو يعلى (٥٩٢٥) والحاكم (١ / ٢٧٨) و (٢ / ٥٤٤) والبيهقي (٣ / ٢٥٠) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري (١٢ / ٤٩٥ ـ ٤٩٦) كتاب الدعوات باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة (٦٤٠٠) ومسلم (٢ / ٥٨٤) كتاب الجمعة باب في الساعة التي في يوم الجمعة (١٤ / ٨٥٢) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة. وله طرق أخرى غير ما ذكرت.
(٢) تقدم.
(٣) تنظر القصة في : ابن حجر : الإصابة في تمييز الصحابة (طبع الشرفية ١٩٠٧ م) (٤ / ٢٠٨).
(٤) ينظر : د. محمد إبراهيم شريف : بحوث في تفسير القرآن الكريم ص ٧٣.