الرأي والاجتهاد ، ولم يصل إلى علمهم شيء فيها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو عن أحد من الصحابة (١).
ثانيا : دور التابعين في تفسير القرآن الكريم :
بعدت الشقة بين عصر النبي صلىاللهعليهوسلم وعصر التابعين ، وتزايد الغموض في فهم القرآن الكريم ، واحتاج الناس إلى التفسير وقد اضطلع التابعون في هذه المرحلة بدور بارز.
يقول الدكتور الذهبي : تزايد هذا الغموض ـ على تدرج ـ كلما بعد الناس عن عصر النبي صلىاللهعليهوسلم والصحابة ، فاحتاج المشتغلون بالتفسير من التابعين إلى أن يكملوا بعض هذا النقص ، فزادوا في التفسير بمقدار ما زاد من غموض ، ثم جاء من بعدهم فأتموا تفسير القرآن تباعا ، معتمدين على ما عرفوه من لغة العرب ومناحيهم في القول ، وعلى ما صح لديهم من الأحداث التي حدثت في عصر نزول القرآن ، وغير هذا من أدوات الفهم ووسائل البحث (٢).
وبرز في عصر التابعين علماء كثيرون ، كانوا قد تتلمذوا على أيدي صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم سوف نتعرض لأبرزهم في الفصل الثاني من هذه الدراسة عند الحديث عن المدارس التفسيرية.
ثالثا : يمتاز التفسير في عصر التابعين بما يلي :
أولا : غالب أقوالهم في التفسير تلقوها عن الصحابة ، وبعض منها رجعوا فيه إلى أهل الكتاب ، وما وراء ذلك فمحض اجتهاد لهم.
ثانيا : دخل في التفسير كثير من الإسرائيليات والنصرانيات ؛ وذلك لكثرة من دخل من أهل الكتاب في الإسلام ، وكان لا يزال عالقا بأذهانهم من الأخبار ما لا يتصل بالأحكام الشرعية : كأخبار بدء الخليقة ، وأسرار الوجود ، وبدء الكائنات وكثير من القصص ، وكانت النفوس ميالة لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية أو نصرانية ، فتساهل التابعون فزجوا في التفسير بكثير من الإسرائيليات والنصرانيات بدون تحر ونقد ، وأكثر من روي عنه في ذلك من مسلمي أهل الكتاب : عبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، ولا شك أن الرجوع إلى هذه الإسرائيليات في التفسير أمر مأخوذ على التابعين كما هو مأخوذ على من جاء
__________________
(١) التفسير والمفسرون (١ / ١٠١).
(٢) التفسير والمفسرون (١ / ١٠٢).