مسعود ... وهكذا (١).
وعموما ، فإن التفسير في عهد التابعين تطور عما كان عليه في عصر الصحابة ، مما أسهم في بلورته في المرحلة التالية.
المرحلة الرابعة : التفسير في عصور التدوين :
وهذه المرحلة تبدأ مع ظهور تدوين العلوم في أواخر عصر بني أمية وبداية عصر العباسيين ، وفي هذه المرحلة خطا التفسير خطوات أخرى ، نستطيع بلورتها فيما يلي :
الخطوة الأولى : أنه مع ابتداء التدوين لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانت أبوابه متنوعة ، وكان التفسير بابا من هذه الأبواب التي اشتمل عليها الحديث ، فلم يفرد له تأليف خاص يفسر القرآن سورة سورة ، وآية آية ، من مبدئه إلى منتهاه ، بل وجد من العلماء من طوف في الأمصار المختلفة ليجمع الحديث ، فجمع بجوار ذلك ما روي في الأمصار من تفسير منسوب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أو إلى أصحابه أو التابعين ، ومن هؤلاء : يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة ١١٧ هجرية ، وشعبة بن الحجاج المتوفى سنة ١٦٠ هجرية ، ووكيع بن الجراح المتوفى سنة ١٩٧ هجرية ، وسفيان بن عيينة المتوفى سنة ١٩٨ هجرية ، وروح بن عبادة البصري المتوفى سنة ٢٠٥ هجرية ، وعبد الرزاق بن همام المتوفى سنة ٢١١ هجرية ، وآدم بن إياس المتوفى سنة ٢٢٠ هجرية ، وعبد بن حميد المتوفى سنة ٢٤٩ هجرية ، وغيرهم ... وهؤلاء جميعا كانوا من أئمة الحديث ، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبواب الحديث ، ولم يكن جمعا للتفسير على استقلال وانفراد ، وجميع ما نقله هؤلاء الأعلام عن أسلافهم من أئمة التفسير نقلوه مسندا إليهم ، غير أن هذه التفاسير لم يصل إلينا شيء منها ؛ ولذا لا نستطيع أن نحكم عليها (٢).
الخطوة الثانية : انفصل بها التفسير عن الحديث ، فأصبح علما قائما بنفسه ، ووضع التفسير لكل آية من القرآن ، ورتب ذلك على حسب ترتيب المصحف ، وتم ذلك على أيدي طائفة من العلماء منهم ابن ماجه المتوفى سنة ٢٧٣ ه ، وابن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ ه ، وأبو بكر بن المنذر النيسابوري المتوفى سنة ٣١٨ ه ، وابن أبي حاتم المتوفى سنة ٣٢٧ ه ، وأبو الشيخ بن حبان المتوفى سنة ٣٦٩ ه ، والحاكم المتوفى سنة ٤٠٥ ه ، وأبو بكر بن مردويه المتوفى سنة ٤١٠ ه ، وغيرهم من أئمة هذا الشأن.
__________________
(١) السابق (١ / ١٣١ ، ١٣٢).
(٢) السابق (١ / ١٤٣ ، ١٤٤).