كما شق عصا الطاعة نصر بن شبث الذي كان يتعصب للأمين ؛ فبعث له المأمون من يقاتله ، واستمرت المناوشات بينهم خمس سنين ، طلب بعدها نصر الأمان.
كما ثار المصريون ، فبعث لهم عبد الله بن طاهر ؛ لإخماد الثورة ، فاستولى على الفسطاط ، وأقر الأمن ، وأصلح البلاد (١).
ومن أخطر الأحداث التي ظهرت في عهد المأمون فتنة القول بخلق القرآن ، فقد أمر بامتحان القضاة والمحدثين في الولايات ، وابتلي الإمام أحمد بن حنبل فيها ابتلاء شديدا.
ولما تولى المعتصم وقعت في عهده أحداث كثيرة ، ففي عهده أغار الزط على الدولة العباسية ، واستولوا على طريق البصرة ، فحالوا دون وصول المئونة والأقوات إلى بغداد ، فقاتلهم وأرغمهم على طلب الأمان (٢) ، وكثر في عهده الترك وازداد نفوذهم (٣).
وقد أغار الروم على بلاد الإسلام ، فاستغاث الناس بالمعتصم ، وكان ذلك في سنة ٢٢٣ ه ؛ فسير إليهم المعتصم جيشا ، وخرج على رأسه ، فحارب الروم وهزمهم ، وفتح حصونا كثيرة ، وفتح عمورية (٤).
وفي هذا يقول الشاعر العباسي أبو تمام :
يا يوم وقعة عمورية انصرفت |
|
منك المنى حفلا معسولة الحلب |
أبقيت جدّ بني الإسلام في صعد |
|
والمشركين ودار الشرك في صبب (٥) |
وقبل وفاة المعتصم : خرج المبرقع اليماني الذي أشعل نار الفتنة ب «فلسطين» ، فأرسل إليه المعتصم رجاء بن أيوب ، فلم يقدر على المبرقع الذي تجمع حوله الفلاحون ، فانتظر حتى ذهب عنه الفلاحون إلى زراعتهم ، وبقى المبرقع في نفر قليل ، فأغار عليه رجاء وأنزل به الهزيمة هو ومن معه (٦).
وتوفي المعتصم وتولى الواثق بالله سنة ٢٢٧ ه ، وسار الواثق على سيرة أبيه المعتصم ، فاعتمد على الأتراك الذين شغلوا أعلى المناصب في كل ولايات الدولة (٧).
__________________
(١) ينظر : تاريخ الإسلام السياسي (٢ / ٦٠) ، والنجوم الزاهرة (٢ / ٢١٥ ـ ٢١٧).
(٢) ينظر : تاريخ الطبري (١٠ / ٣٠٦).
(٣) ينظر : مروج الذهب (٤ / ٩).
(٤) ينظر : مروج الذهب (٤ / ١٥).
(٥) ينظر : ديوان أبي تمام بشرح الخطيب (١ / ٤٨).
(٦) ينظر : تاريخ الطبري (١١ / ٥).
(٧) ينظر : النجوم الزاهرة (٢ / ٢٥٩).