وحرمتها ، فقال : (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ، أي : الحكم فيها لله والرسول يجعلها لمن يشاء.
ويحتمل السؤال عنها عن قسمتها ، وهو ما روي في بعض القصة أن الناس كانوا يوم بدر ثلاثة أثلاث : ثلث في نحر العدو ، وثلث خلفهم ردءا لهم ، وثلث مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرسونه ، فلما فتح الله عليهم اختلفوا في الغنائم ، فقال الذين كانوا في نحر العدو : نحن أحق بالغنائم ، نحن ولينا القتال ، وقال الذين كانوا ردءا لهم : لستم بأولى بها منا ، وكنا لكم ردءا ، وقال الذين أقاموا مع رسول الله : لستم بأحق بها منا ، كنا نحن حرسا لرسول الله فتنازعوا فيها إلى رسول الله ، فنزل (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) وقال أبو أمامة الباهلي : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال ، قال : فينا نزلت معشر أصحاب بدر حين اختلفنا وساءت أخلاقنا ؛ إذ انتزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسوله ، فقسمه على السواء» (١).
ثالثا : السنة المطهرة :
استعان الماتريدي في تفسيره لكتاب الله بالسنة المطهرة ، وقد ذكرنا أمثلة لهذا من قبل عن تناولنا لموقفه من التفسير بالمأثور ، وهو يكثر من ذكر الأحاديث في تفسيره ، من نحو ما جاء عند تفسيره قول الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) [الأعراف : ٥٥] فقد قال : «وقوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ) ... قال بعضهم : الدعاء هاهنا هو الدعاء ، وقد جاء «الدّعاء مخّ العبادة» (٢) ؛ لأن العبادة قد تكون بالتقليد ، والدعاء لا يحتمل التقليد ، ولكن إنما يكون عند الحاجة لما رأى العبد من نفسه الحاجة والعجز عن القيام بذلك ، فعند ذلك يفزع إلى ربه ، فهو مخ العبادة من هذا الوجه ...
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) قيل : المجاوزين الحد بالإشراك بالله. وقيل : لا يحب الاعتداء في الدعاء ؛ نحو أن يقول : اللهم اجعلني نبيّا أو ملكا ، أو أنزلني في الجنة منزل كذا ، وموضع كذا.
وروي عن عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول : «اللهم إني أسألك الفردوس ، وأسألك كذا ، فقال له عبد الله : سل الله الجنة وتعوذ من النار ؛ فإني سمعت رسول الله ـ
__________________
(١) أخرجه أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه كما في الدر المنثور (٣ / ٢٩٢).
(٢) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٨٦) كتاب الدعوات باب (٢) (٣٣٧١) والطبراني في الأوسط (٣٢٢٠).
وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
وانظر ضعيف الترمذي للعلامة الألباني (٦٦٩).