بعض أحكامها ومسائلها ، مما يدلنا على اعتماده علم الفقه مصدرا من مصادر تفسيره.
وتتمثل طريقته في اعتماد علم الفقه مصدرا لتفسير القرآن الكريم في أنه يقوم بتحليل الآية التي تتضمن الحكم الفقهي ، ثم يورد بعض أقوال العلماء ، ثم يفصل القول حول المسألة الفقهية المعروفة بما أفاض الله عليه.
ففي تفسيره لقول الله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة : ٦٠] عرض الماتريدي لعلاقة هذه الآية بما قبلها ، وشرح الآية ، ثم ذكر بعض الروايات عن الصحابة عامة ، وعن بعضهم خاصة :
كحذيفة وابن عباس وعمر وعلي ـ رضي الله عنهم ـ في تفسير الآية وبيان ما فيها من أحكام فقهية ، ثم شرع يدلي بدلوه في تفسير الآية ، وبيان الأحكام الفقهية التي تنطوي عليها ، ونراه ينقل عن الأئمة دون أن يذكر أسماءهم ، ويعرض لاختلافات المذاهب دون أن يحددها ويعينها ، وتناول ـ أيضا ـ : الأصناف الثمانية المخصوصة بالزكاة بشيء من التفصيل ، ويستعين في ذلك ببعض الأحاديث والمرويات وأقوال العلماء.
لكن ليس معنى هذا أن الماتريدي يهمل نسبة الآراء الفقهية إلى أصحابها في كل الأحوال ، بل إنه في مواضع ذكر الآراء منسوبة إلى أصحابها.
ومن ذلك ما جاء عند تفسيره لقول الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...) الآية ، فقد ذكر الماتريدي الأحكام التي تتعلق بالآية ، وذكر كثيرا من الأخبار والمرويات بشأنها ، وأخذ يحلل ويدلل ، ومما قال : «وكان أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ يسهم للفارس بسهمين ، وأبو يوسف ـ رحمهالله ـ يرى أن يسهم للفرس بسهمين ، ولصاحبه بسهم ، والحجة في ذلك قوله : قال الله تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ).
فهنا ينسب الماتريدي الآراء إلى أصحابها ، ونلاحظ أن المذهب الحنفي هو المذهب الغالب ـ أو الأكثر ورودا ـ في تفسير تأويلات القرآن ، وليس هذا غريبا ؛ لأن الماتريدي ـ كما قلنا ـ يتبع المذهب الحنفي.
سابعا : علوم اللغة :
لا يعول الماتريدي كثيرا على علوم اللغة في تفسيره ؛ لذلك نراه مقلّا جدّا من توظيفها إلا ما كان من ذكر أقوال العلماء حول بيان بعض الألفاظ ، كما سبق في بيان معنى كلمة