بالسلطة دونه ، ولم يكن لهذا الأمير الصغير حول ولا طول ، بل إن السبكري قبض عليه وعلى أخيه يعقوب ، وأرسل بهما إلى بغداد سنة ٢٩٦ ه ، وبذلك خلا له حكم الدولة الصفارية (١).
ولم تكد الأمور تستقيم للسبكري حتى سار إليه الليث بن علي بن الليث وهزمه وطرده من فارس ، وذلك سنة ٢٩٧ ه ، فاستنجد السبكري بالخليفة فسير جيشا إلى الليث أوقع به الهزيمة ، وعاد السبكري إلى ولاية الدولة الصفارية ، لكنه تمرد على الخلافة العباسية ، ورفض أداء الأموال إليها ، فعملت على التخلص منه ، فانتزعت منه فارس سنة ٢٩٨ ه ، فلجأ إلى سجستان ، فسار إليه الأمير أحمد بن إسماعيل الساماني ، فاستولى على سجستان وقبض على السبكري وعلى محمد بن علي بن الليث الصفار وبعث بهما إلى بغداد سنة ٢٩٨ ه ، وبذلك قضي على الدولة الصفارية قضاء لا قيام لها بعده (٢).
ويسعنا ـ بعد هذا العرض الموجز ـ أن نرجع سقوط الدولة الصفارية إلى سببين اثنين :
الأول : جهود الدولة العباسية وحرصها على التخلص منها.
الثاني : الهزائم المتكررة التي ألمت بجيوشها ، هذا بالإضافة إلى تمرد قوادها ، وما ترتب على ذلك من ضعف للدولة وانهيارها في النهاية.
الدولة السامانية
قامت الدولة السامانية في «منطقة ما وراء النهر» ، وتشمل جغرافيّا المناطق الواقعة على جانبي نهر جيحون مباشرة وإلى الشمال منه قليلا ، وينتسب سكان هذه الأقاليم إلى الجنس الفارسي ، الآري ـ لغة ودما وثقافة ـ أما المناطق التي تقع إلى أقصى الشمال والشرق ، فهي مناطق خاصة بالترك ، وهم عنصر آخر يعرف بالعنصر الطوراني ، وتسمى بلادهم تركستان (٣).
ويرتبط هذا الإقليم بخراسان وسجستان جغرافيّا وسياسيّا ؛ ولذلك اعتبر المقدسي هذه الأقاليم الثلاثة إقليما واحدا أسماه بالمشرق.
ويشمل إقليم ما وراء النهر عدة كور منها : بخارى وأشروسنة والشاش وفرغانة وكش
__________________
(١) ينظر : الطبري ، تاريخ الأمم والملوك (١٠ / ١٤١).
(٢) ينظر : عصام الدين عبد الرءوف ، الدول الإسلامية المستقلة في الشرق ص ١١ ، ١٢.
(٣) ينظر : عبد الحميد الرفاعي ، ص ١٥١.