روى عن الحسن (١) : «إن للكافر حدا إذا بلغ ذلك الحد ، وعلم الله منه أنه لا يؤمن ، طبع على قلبه حتى لا يؤمن».
وهذا فاسد على مذهب المعتزلة لوجهين :
أحدهما : أن مذهبهم أن الكافر مكلف ، وإن كان قلبه مطبوعا عليه.
والثانى : أن الله ـ عزوجل ـ عالم بكل من يؤمن فى آخر عمره ، وبكل من لا يؤمن أبدا ، بلغ ذلك الحد أو لم يبلغ.
فعلى ما يقوله الحسن إيهام أنه لا يعلم ما لم يبلغ ذلك.
والمعتزلة يقولون : إن قوله : (خَتَمَ) ، و (طَبَع) يعلم علامة فى قلبه أنه لا يؤمن كإعلام الكتب والرسائل.
ولكن عندنا : خلق ظلمة الكفر فى قلبه.
والثانى : خلق الختم والطبع على قلبه [إذا فعل فعل الكفر ؛ لأن](٢) فعل الكفر من الكافر مخلوق عندنا ، فخلق ذلك الختم عليه ؛ وهو كقوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) [الإسراء : ٤٦] أى : خلق الأكنة. وغيره من الآيات.
__________________
(١) هو الحسن بن أبى الحسن بن يسار ، أبو سعيد ، مولى زيد بن ثابت الأنصارى ، ويقال مولى أبى اليسر كعب بن عمرو السلمى ؛ وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية ؛ ويقال : كان مولى جميل بن قطبة ويسار أبوه من سبى ميسان. سكن المدينة ، وأعتق ، وتزوج بها فى خلافة عمر ، فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه : خيرة ، ثم نشأ الحسن بوادى القرى ، وحضر الجمعة مع عثمان ، وسمعه يخطب ، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة رأى عثمان ، وطلحة ، والكبار ، وروى عن عمران بن حصين ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وسمرة بن جندب ، وأبى بكرة الثقفى ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وجندب البجلى ، وابن عباس ، وعمرو بن تغلب ، ومعقل بن يسار ، والأسود بن سريع ، وأنس ، وخلق من الصحابة وقرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشى ، وروى عن خلق من التابعين وعنه أيوب وشيبان النحوى ، ويونس بن عبيد ، وابن عون ، وحميد الطويل ، وثابت البنانى ، ومالك بن دينار ، وهشام بن حسان ، وجرير بن حازم ، والربيع بن صبيح ، ويزيد بن إبراهيم التسترى ، ومبارك بن فضالة وخلق كثير وقال سليمان التيمى : كان الحسن يغزو ، وكان مفتى البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ثم جاء الحسن فكان يفتى. قال محمد بن سعد : كان الحسن ـ رحمهالله ـ جامعا عالما ، رفيعا فقيها ، ثقة ، حجة ، مأمونا ، عابدا ، ناسكا ، كثير العلم ، فصيحا ، جميلا ، وسيما. وما أرسله فليس بحجة وقال ضمرة بن ربيعة ، عن الأصبغ بن زيد : سمع العوام بن حوشب ، قال : ما أشبه الحسن إلا بنبى. وعن أبى بردة ، قال : ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم منه. وعن أنس بن مالك ، قال : سلوا الحسن ، فإنه حفظ ونسينا. ينظر : سير أعلام النبلاء (٤ / ٥٦٣ ، ٥٦٤ ، ٥٦٥ ، ٥٦٦ ، ٥٧٢ ، ٥٧٣) ، طبقات ابن سعد (٧ / ١٥٦) ، وطبقات خليفة ت (١٧٢٦) ، والزهد لأحمد (٢٥٨) ، وتاريخ البخارى (٢ / ٢٨٩) ، والمعارف ص (٤٤٠).
(٢) بدل ما بين المعقوفين فى أ : إذ.