__________________
ـ أحدهما أن : أطفال المؤمنين لا تصديق عندهم وهم مؤمنون فيكون التصديق ساقطا فى حقهم.
والثانى : أن النائم والغافل مؤمنان مع أنهما لا تصديق عندهما أيضا.
وقد أجيب عن الاعتراض الأول بأن الكلام فى الإيمان الحقيقى وهو الذى لا يسقط فيه التصديق بخلاف الإيمان الحكمى فإنه يسقط فيه التصديق ، وإيمان أطفال المؤمنين إيمان حكمى ؛ لأنه من باب إلحاق المعدوم بالمحقق ؛ لأن النبى صلىاللهعليهوسلم جعل إيمان أحد الأبوين إيمانا للأولاد.
وقد أجيب عن الاعتراض الثانى بجوابين :
أولا : أن التصديق موجود عند النائم والغافل وإنما الغفلة عن حصوله.
وقد رد هذا الجواب بأنه ينافى قول المتكلمين : إن النوم ضد الإدراك فذلك يفيد أن التصديق غير موجود عند النائم.
وأجيب عن هذا الرد بأن مراد المتكلمين بقولهم : إن النوم ضد الإدراك هو أن النوم ضد الإدراك ابتداء وليس منافيا لبقاء الإدراك ؛ فالنائم لا يدرك الأشياء ابتداء إنما إذا أدرك شيئا حال يقظته ثم نام كان هذا الإدراك باقيا فى القلب وهناك غفلة عن حصوله فقط.
والجواب الثانى أننا لو سلمنا عدم حصول التصديق للنائم والغافل نقول : إن الأمر إذا تحقق ولم يطرأ عليه ما ينافيه فإنه يكون فى حكم الباقى ، والنائم والغافل قد تحقق لديهما تصديق قبل حصول النوم والغفلة ولم يطرأ على هذا التصديق ما ينافيه فذلك يكون تصديقهما فى حكم الباقى.
والفرق بين هذا وبين إيمان الأطفال أنه فى الأطفال جعل غير الحاصل حاصلا فهو إيمان حكمى ، وفى النائم والغافل جعل المحقق غير الباقى فى حكم الباقى ولذلك كان المؤمن اسما لمن آمن فى الحال أو فى الماضى ويكتفى بالإقرار مرة واحدة فى العمر مع أنه جزء من مفهوم الإيمان ، فما ذاك إلا لأن الشارع جعل المحقق الذى لم يطرأ عليه ما يضاده فى حكم الباقى.
فإن قيل : إن الإقرار مرة واحدة فى العمر إذا كان كافيا فى الإيمان كان ساقطا فى غير حالة الاضطرار ، وأنتم تقولون : إنه لا يسقط فى غير حالة الاضطرار.
فالجواب أن معنى سقوطه أنه يجوز صدور المنافى له عند الاضطرار ، والمقر مرة واحدة فى العمر لم يأت بما ينافيه فهو موجود عنده باعتبار أن المحقق غير الباقى فى حكم الباقى.
المذهب الثانى : وهو مذهب جمهور المحققين أن الإيمان هو التصديق بجميع ما جاء به النبى ، وأما الإقرار باللسان فليس ركنا بل هو شرط لإجراء الأحكام فى الدنيا ، وهذا المذهب هو المختار ، وعليه فمن تحقق منه التصديق بالقلب ولم يقر باللسان فهو مؤمن ناج عند الله وإنما لا تجرى عليه أحكام المؤمنين فى الدنيا ؛ لأن التصديق فى القلب خفى لا يعلم إلا بما يدل عليه ، ولا بد على هذا المذهب من أن يعلن هذا الإقرار للناس حتى تجرى عليه الأحكام فى الدنيا بخلافه على المذهب الأول القائل بأن الإقرار ركن فإنه لا يشترط فيه إعلانه.
المذهب الثالث : أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط ، دون تعرض للتصديق ، وهو مذهب الكرامية.
المذهب الرابع : أن الإيمان هو التصديق بالجنان والعمل بالأركان والإقرار باللسان ، وهو مذهب المعتزلة والكثير من الفقهاء والمحدثين.
المذهب الخامس : أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط وهو مذهب القدرية وبعض منهم قال : إنه المعرفة بالله وبما جاء به الرسول من عند الله.
المذهب السادس : أن الإيمان هو الإقرار والعمل مطلقا سواء أكان فرضا أم نفلا ، وهو مذهب الخوارج. ـ