__________________
ـ عن هذه فقال : إنه يتصور أيضا فى غير عصر النبى عليهالسلام وبين ذلك بأن الاطلاع على تفاصيل جميع الفروض ممكن فى غير عصر النبى ، والإيمان واجب إجمالا فيما علم إجمالا ، وتفصيلا فيما علم تفصيلا ، والتفصيلى أكمل من الإجمالى وعلى ذلك يصح فى غير عصر النبى أن يطلع شخص على جميع الفرائض تفصيلا فيؤمن بها كذلك ، ولا يطلع شخص آخر على جميع الفرائض تفصيلا فيؤمن بها إجمالا ، فإيمان الأول أكمل من الثانى ، وقد يتصور ذلك فى حق شخص واحد أيضا بأن يطلع على بعض الفرائض فيؤمن بها إجمالا ، ثم بعد ذلك يتمكن من الاطلاع عليها تفصيلا فيؤمن بها كذلك فإيمانه الثانى أكمل من إيمانه الأول.
وقد أول إمام الحرمين الآية السابقة وما شابهها بأن المراد بزيادة الإيمان الثبات والدوام عليه فى كل ساعة فزيادته بحسب زيادة الأزمان وذلك لأنه عرض لا يبقى زمانين فيتجدد بتجدد أمثاله.
ولكن يرد على هذا التأويل أن تجدد الأمثال عبارة عن انعدام الإيمان وحصول مثله وليس ذلك من الزيادة فى شىء.
وقد أجيب عن ذلك بأن زيادته على هذا بزيادة أعداده المتجددة.
وبعض العلماء أول هذه الآية وما شابهها بأن المراد بزيادة الإيمان ثمرته وإشراق نوره وضياؤه فى القلب.
فتحصل مما تقدم أن من قال : إن الإيمان هو التصديق منع زيادته ونقصانه وأول الآيات الواردة بالزيادة بما تقدم عن أبى حنيفة وإمام الحرمين وغيرهما ، ومن قال : إن الإيمان هو الأعمال مطلقا فرضا أو نفلا فقبوله الزيادة والنقص ظاهر ، ومن قال : إن الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل المفروض قال أيضا بقبوله الزيادة والنقص بحسب زيادة أوقات الأعمال المفروضة أو بحسب فرضية الأعمال كلها أو بعضها.
هذا كله على رأى من يقول إن الخلاف لفظى مبنى على تفسير الإيمان ولكن الحق أن الخلاف حقيقى وأن الإيمان يقبل الزيادة والنقص حتى لو كان معناه التصديق وهو يتفاوت قوة وضعفا بدليل أن تصديق النبى عليهالسلام ليس كتصديق آحاد المكلفين وكذلك فإن قول إبراهيم عليهالسلام : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) يدل على قبول التصديق اليقينى الزيادة أيضا : فإن المطلوب من العوام هو الظن الذى لا يخطر معه احتمال النقيض على بالهم وذلك كاف فى إيمانهم ولا شك أنه يقبل الزيادة.
ينظر لسان العرب لابن منظور طبعة دار المعارف مادة (أ م ن) (١ / ١٤٠). القاموس المحيط للفيروزآباديّ مادة (أ م ن) (١ / ١٩٧) ، مختار الصحاح للرازى مادة (أ م ن) ص (٢٦) التوحيد للمصنف ، تحقيق الدكتور فتح الله خليف ، طبعة الجامعات ص (٣٧٧) اللمع لأبى حسن الأشعرى تعليق الدكتور حمودة غرابة طبعة مجمع البحوث الإسلامية ص (١٢٣). الإنصاف للباقلانى ، تحقيق محمد زاهر الكوثرى ، مؤسسة الخانجى ص (٢٣). الإرشاد لإمام الحرمين أبى المعالى الجوينى ، مكتبة الخانجى ص (٤٠٠). أصول الدين للإمام البزدوى طبعة عيسى البابى الحلبى ص (١٤٥).
شرح المواقف للإيجى بشرح الجرجانى ، مطبعة السعادة (٨ / ٣٢٢). أصول الدين للبغدادى ص (٢٥١). المحصل للرازى مكتبة الكليات الأزهرية (٢٤٠) ، معالم أصول الدين للرازى طبع الكليات الأزهرية (١٢٧) ، المسايرة للكمال بن الهمام ، المطبعة الأميرية بولاق ص (٢) ، شرح ملا على القارئ على الفقه الأكبر ص (٢٠٨) ، نظم الفرائد وجمع الفوائد ، المطبعة الأدبية بالقاهرة ص ٣٧ ، حاشية رمضان أفندى على العقائد طبعة دار سعادات ص (٢٣٦) ، شرح الخريدة البهية للدردير مع حاشية أبى السعود ، طبع دار هجر ص (٣٨٨).