وقيل : (رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) أى : هذا الذى وعدنا فى الدنيا أنّ فى الجنة هذا.
وقيل : (رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) ، فى الجنة قبل هذا.
وقوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً).
قيل فيه بوجوه :
قيل : (مُتَشابِهاً) فى المنظر ، مختلفا فى الطعم (١).
وقيل : (مُتَشابِهاً) فى الطعم مختلفا فى رأى العين والألوان (٢) ؛ لأن من الفواكه ما يستلذ بالنظر إليها دون التناول منها.
وقيل : (مُتَشابِهاً) فى الحسن والبهاء.
وقوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ).
قيل فيه بوجوه :
(مُطَهَّرَةٌ) من سوء الخلق والدناءة ، ليس كنساء الدنيا لا يسلمن عن ذلك (٣).
وقيل : (مُطَهَّرَةٌ) من الأمراض ، والأسقام ، وأنواع ما يبلى به فى الدنيا من الدرن ، والوسخ والحيض (٤).
وقيل : (مُطَهَّرَةٌ) لصفاء جوهرها ؛ كما يقال : يرى مخّ ساقيها من كذا وكذا.
وقيل : (مُطَهَّرَةٌ) مختارة مهذبة.
وقوله : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ).
أى : يقيمون أبدا.
فالآية ترد على الجهمية (٥) قولهم ؛ لأنهم يقولون بفناء الجنة ، وفناء ما فيها ؛ يذهبون إلى أن الله تعالى هو الأول ، والآخر ، والباقى ، ولو كانت الجنة باقية غير فانية لكان ذلك
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وابن مسعود معا بنحوه (٥٢٤) ومجاهد (٥٢٦) والربيع بن أنس (٥٢٧) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٨٣).
(٢) أخرجه ابن جرير عن مجاهد بنحوه (٥٣٠ ، ٥٣١).
(٣) ذكره البغوى فى تفسيره (١ / ٥٧).
(٤) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وابن مسعود معا بنحوه (٥٣٨) ومجاهد (٥٤٠ ـ ٥٤٥) ، وقتادة (٥٤٦ ـ ٥٤٨) ، وعبد الرحمن بن زيد (٥٥٠) ، والحسن (٥٥١ ، ٥٥٢) ، وعطاء (٥٥٣) وانظر الدر المنثور (١ / ٨٤).
(٥) الجهمية : أتباع جهم بن صفوان الترمذى الفارسى الذى قتل فى سنة ١٣١ أواخر الدولة الأموية ، كان ينفى الصفات الإلهية كلها ، وينفى رؤية الله ، ويزعم أن الجنة والنار تفنيان وتنقطع حركات أهلهما محتجا بأن عدم فنائهما يتعارض مع معنى قوله تعالى : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) ينظر : الفرق الإسلامية ص (٥٦).